منتديات ليب مون

حسين وقميصه «المعدّل»


حين يهتف الشباب المعتصم أمام مقهى «ستاربكس» في الحمرا، مطالباً بمقاطعة المقهى «كشركة داعمة للكيان الصهيوني»، تكون الفتاة السمراء، داخل المقهى تخلط كريم قهوتها بالكراميل، ثم تتذوقها، فتجد أن السكر الأسمر لا «يُحلّي» تماما كذاك الأبيض.
لا يصلها صوت الشباب في الخارج بوضوح، لكنها تكرر لحبيبها عبر الهاتف «ما بعرف شو عم يصرخوا baby، وكأنهم رح يحرروا القدس، ما عم اقدر ركز على recherches (الأبحاث)».
في الخارج يكرر شبان وشابات اتحاد الشباب الديموقراطي هتافهم: «يا اللي قاعد مش مهتم، تشرب قهوة، تشرب سم».
ترن العبارة في أذني الفتاة نفسها، فتهــز برأسـها: «والـله عـيــب.. its not civilized (هذا تصرف غير متحضر)»!
الجار العجوز الذي يجلس أمامها، ويقابل النافذة والمتظاهرين تماماً، يردد «هذه حرية رأي، ولا أحد يستطيع أن يمنعهم عن التعبير عن اعتراضهم على وجود مؤسسة أميركية صهيونية هنا». نسأله عن اقتناعه بهذا التعريف من جهة، وارتياد هذا المقهى من جهة ثانية؟ يقول الرجل «قناعتي لا علاقة لها بتواجدي هنا، أنا لبناني مغترب، وسائح في بلدي، أظن أنه في الأيام القليلة التي أزور فيها البلد يحق لي التمتع بقهوة وسط أجمل بقعة في شارع الحمراء، وأنا فعلياً لا أرتاد أي فرع آخر لستاربكس أبداً، لأني كمان مقاطع، وهي المرة الأولى التي أجلس فيها في هذا الفرع منذ سنتين!». يتركنا الرجل، يحمل قهوته ويختار بقعة «استراتجية» أكثر، على المقاعد الجانبية خارج المقهى. يتفرج على المتظاهرين ويبتسم مطولا، مردداً: «عن جد.. هيدا لبنان!!».
حسين.. هتّاف الاعتصامات
في الخارج، يكون الشاب حسين مغنية يقف أمام عدسات الكاميرا، مرتدياً وزرة خضراء، مطابقة لتلك التي يلبسها موظفو المقهى، وكتب عليها «أهلا بك في قهوة إسرائيل». حسين يهتف، لا يكل ولا يمل، ويكسب بجدارة اللقب الذي يطلقه عليه رفاقه «هتّفنا في الشؤون العربية - الفلسطينية». يهتف حسين «..والقهوة الصهيونية، قتلت أمي وأبوي».
وفي الخارج أيضا، تفرغ العشرات من عناصر القوى الأمنية لحراسة التحرك، والتحسب لأي تصعيد في تحرك الشباب، كإجبار الرواد على إخلائه وإغلاقه مثلاً.
رئيس المجلس الوطني في اتحاد الشباب الديموقراطي عربي عنداري، الذي يوزع على المارة قصاصات ورقية تطلب «مقاطعة ستاربكس، كواحدة من الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وكإحدى أدوات القتل والإجرام»، يقول: «كل ما في الأمر، أننا نعتصم، لا يمكن إقناع الناس بالإجبار، بالنهاية احتساء هذه القهوة أو عدمه، هو خيار على الناس تقريره بأنفسهم وبإرادتهم».
ولمى، إحدى الرفيقات في الاتحاد، التي تزود المارة نسخة عن بيان حول رأسمال «ستاربكس» تقول: «قد يكون هدفنا البعيد هو المقاطعة الشاملة والنهائية، ولكننا الآن نوعي الناس، ونخبرهم بأن ما يقومون به خطأ، على الرغم من درايتنا الكاملة أنه بإغلاق الشركات العالمية الداعمة للكيان الصهيوني بطريقة أو بأخرى، قد تؤثر على مستوى البطالة لدى الشباب اللبناني، وقد تؤثر سلباً على الاقتصاد، إلا أن على هؤلاء إيجاد البديل».
البديل الذي تتحدث عنه لمى، «صعب المنال»، بالنسبة إلى الشاب الموظف في المقهى. وقبل أن يمنعه مديره من الكلام مع الصحافة، يتساءل «إذا ما أغلق المقهى وأصبحت عاطلاً عن العمل، من يدفع قسط جامعتي»؟
بعد أكثر من ساعة، ينتهي الاعتصام، يجمع الشباب لافتات كتبوها بخط أيديهم، ويعودون أدراجهم. دقائق لا تتعدى الثلاث، يتوافد السياح ويشغلون المقاعد الأمامية الخارجية، يتحدثون عن خوفهم من الانتشار الكبير للقوى الأمنية. عندما يعرف أحدهم السبب يقول: «بلبنان كل شيء غير، عنا ما حدا بيقدر يتظاهر، لو ضد حالو!».