منتديات ليب مون

يعتبر الحق في العمل من حقوق الإنسان، وهو ذو صلة وثيقة ببقية الحقوق، إذ يرتبط بالإنسان كإنسان لأنه بدون العمل لن يستطيع الإنسان تأمين نفقات سكنه ومأكله وملبسه وزواجه وبقية نفقاته... وهذا الحق يُعطى للإنسان بصفته إنساناً طالما أنه مقيم في دولة فمن واجب هذه الدولة أن تؤمِّن له فرصة العمل، بخاصةٍ لناحية أن الحفاظ على الكرامة الإنسانية للفلسطيني (وهي من فئة الحقوق الشخصية) تعني أنه لا يجوز أن يُفرض على الفلسطيني الإعانة الشهرية أو الصدقة في حال كان قادراً على تأمين نفقاته، ويقتضي أن يقبل هذه الإعانة طواعية لا أن يكون مجبراً على قبولها.
والفلسطينيون بصفتهم مقيمين على الأراضي اللبنانية بصورة مشروعة، لا بد أن يتمتعوا بالحق في العمل، طالما أن الدولة اللبنانية تقبل بوجودهم على أراضيها وهي ملزمة بتأمين حقوقهم الإنسانية، لا سيما تلك المنصوص عنها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعدُّ جزءاً من مقدمة الدستور اللبناني، ويفرض أن يكون لكل إنسان (بصفته إنسانا) حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع (المادة 2)، بما فيها حق العمل، وحرية اختيار نوع العمل (المادة 23)، وفي المادة 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي انضمَّ إليه لبنان، يوجب أن تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق.
واستناداً لكون الحق في العمل، حقا من حقوق الإنسان التي لا لبس فيها، أصدر وزير العمل القرار رقم 10 تاريخ 3/2/2010 في الجريدة الرسمية العدد 8 تاريخ 11/2/2010 ص 823، وعدَّد الأعمال والمهن التي تحصر باللبنانيين، وأجاز للفلسطينيين ممارسة هذه الأعمال، عندما نصَّ في المادة 3 من هذا القرار أنه: «مع مراعاة مبدأ تفضيل اللبناني، يستثنى من احكام المادة الثانية الفلسطينيون المولودون على الأراضي اللبنانية والمسجلون بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية».
واستناداً لهذا الاستثناء يجوز للفلسطيني المستوفي الشروط المذكورة أن يمارس الأعمال الآتية:
أ - الاجراء:
الاعمال الادارية والمصرفية على اختلاف انواعها وبصورة خاصة عمل: المدير - نائب المدير - رئيس الموظفين - امين الصندوق - المحاسب - السكرتير - المستكتب - الموثق - امين محفوظات - كمبيوتر - المندوب التجاري - مندوب التسويق - مراقب اشغال - امين مستودع - بائع - صائغ - خياط - رتى السجاد - التمديدات الكهربائية - الميكانيك والصيانة - اعمال الدهان - تركيب الزجاج - الحاجب - الحارس - السائق - السفرجي - الحلاق - الاعمال الالكترونية - طاهي مأكولات عربية - المهن الفنية في قطاع البناء ومشتقاته كالتبليط والتوريق وتركيب الجفصين والالمنيوم والحديد والخشب والديكور وما شابه ذلك - التدريس في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتدريس اللغات الاجنبية عند الضرورة - الاعمال الهندسية بمختلف الاختصاصات - اعمال الحدادة والتنجيد - التمريض - جميع انواع الاعمال في الصيدليات ومستودعات الادوية والمختبرات الطبية - اعمال الكيل والمساحة - اعمال التجميل.
ب - اصحاب الاعمال:
الاعمال التجارية على اختلاف انواعها - اعمال الصرافة - المحاسبة - القومسيون - الاعمال الهندسية بمختلف انواعها - الصياغة - الطباعة والنشر والتوزيع - الخياطة والرتي - الحلاقة - الكوي والصباغة - تصليح السيارات (حدادة، دهان، ميكانيك، تركيب زجاج، فرش وكهرباء سيارات) - المهن الحرة (هندسة، طب، صيدلة، محاماة الخ...)
واستناداً إلى هذا القرار، يملك الفلسطيني المقيم بصورة موافقة للقانون في لبنان، الحق في العمل، أي الحق في ممارسة أي من المهن المعددة أعلاه، ولكن طبعاً فيما خصَّ المهن الحرة المنشأة بقانون تتوقف إجازة ممارسة هذه المهن على الحصول على تراخيص من الوزارات والنقابات المختصة، وهي مقيَّدة بنص القانون الذي قد لا يتيح للفلسطيني ممارسة هذه المهن.
لذا واستكمالاً لما قامت به وزارة العمل، على المشترع أن يصدر قانونا عاما بمادة وحيدة يجيز بموجبه للفلسطيني المقيم في لبنان أن ينتسب إلى نقابات المهن الحرة وممارسة أعمالها داخل الأراضي اللبنانية.
عصام نعمة إسماعيل
أستاذ مادة حقوق الإنسان في الجامعة اللبنانية