منتديات ليب مون

«لا يجوز أن يعرَّض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات». هذا ما تنصّ عليه المادة الـ12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لأنه كذلك، أحيا «البرنامج الوطني لمكافحة السيدا» اليوم العالمي لهذا المرض الذي لم تنجح بعد جميع التطوّرات العلميّة بضبطه.. وذلك تحت شعار «إتاحة الصحّة للجميع تجسيداً لحقوق الإنسان».
في مؤشّر إيجابي، الوضع مستقرّ محلياً إذ لم يسجّل لبنان خلال العام 2009 سوى 81 حالة جديدة مبلّغا عنها. ونستثني هنا بعض الذين لم يعلنوا عن أنفسهم وبعض الأطباء الذين لا يبلّغون عن الحالات التي يتابعونها.
وقد أوضح مدير البرنامج الوطني لمكافحة السيدا الدكتور مصطفى النقيب، في المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في نقابة الصحافة، أنه بعد 25 عاماً، وبعدما تسجّل في العالم (بحسب إحصاءات 2008) 7400 حالة جديدة كل يوم، «ما زال الانتشار منخفضا لدينا». فالعدد التراكمي منذ البدء بالعدّ بلغ اليوم 1253 حالة، 82 في المئة منها ذكور مقابل 12 في المئة إناث. أما الفئات العمريّة فنسجّل 32،50 في المئة تحت الثلاثين و41،50 في المئة بين ثلاثين وخمسين و26 في المئة فوق سنّ الخمسين. وهذه النسب لم تختلف بين معطيات العام الحالي وتلك الخاصة بالتراكم المسجّل.
أما بالنسبة إلى طرق انتقال الفيروس، فتأتي العلاقات الجنسيّة في المقدّمة مع 85 في المئة لإصابات العام 2009 مقابل 42 في المئة للعدد المتراكم. وتبقى العلاقات الجنسيّة العاديّة هي السبب الأبرز للإصابة (51،50 في المئة) مقابل 22 في المئة للعلاقات المثليّة (في التراكم) و30 في المئة (للعام الحالي).
وبعد أن لفت النقيب إلى مواد أخرى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واجب احترامها في التعامل مع مصابي السيدا، أكّد على أن الهدف من فحص السيدا قبل الزواج ليس منع الزواج كما يعتقد، بل حتى يدرك المرء حالته فيتناقش بها مع الشريك.
وكان النقيب قد عرض للواقع الوبائي لفيروس السيدا عالمياً وإقليمياً أيضاً، بحسب إحصاءات العام 2008.
من جهته، لفت وزير الصحّة العامة الدكتور محمد جواد خليفة إلى أن الهدف من البرنامج الوطني لمكافحة السيدا يصبّ «في إطار تحسين أوضاع الفئات المهمّشة والأكثر عرضة للإصابة بالفيروس». وأشار إلى أن «انتشار الأوبئة والأمراض من شأنه أن يؤخّر النمو الصحي والمجتمعي، خصوصاً في المجتمعات التي تعاني مشاكل في الإطار الصحي تحديداً».
وفي إطار حقوق المصابين بالسيدا وهؤلاء المعرّضين لخطر الإصابة، شدّد خليفة على «أهميّة العلاج والمتابعة». وأوضح أن «الوزارة منذ العام 1997، أخذت على عاتقها توفير العلاج الثلاثي للمصابين اللبنانيين كما للفلسطينيين المقيمين في المخيّمات وللمسجونين وللعمال الأجانب. فملياران ونصف مليار ليرة لبنانيّة تصرف سنوياً على أدوية السيدا التي تؤمّن للجميع بما أن شركات التأمين لا تغطّيها ولا حتى الضمان الاجتماعي ولا الجهات الضامنة الأخرى».
وأشار خليفة إلى أن «المرض صعب وكذلك المرضى الذين يخلق لديهم وضع نفسي يجعل التعامل معهم صعباً». من هنا كان مشروع بطاقة خاصة بهؤلاء يبدأ العمل بها قريباً تسهّل مهام الحصول على العلاج من دون أن يعلن هؤلاء عن إصابتهم. لكن خليفة شدّد أنه واجب على الجميع تقاسم المهام هنا. «فذلك لا يعني وزارة الصحّة فحسب بل إدارات أخرى مختلفة. لذا فإن السياسة المستقبليّة تقتضي بإشراك المجتمع المدني من البلديات ومؤسسات الرعاية الأولية ومؤسسات أهليّة».
إلى ذلك، أعلن خليفة عن مشروع علاج بديل للمخدّرات تمّ وضع بروتوكول محلي له، على أن يتم استيراد الدواء ابتداءً من أوّل كانون الأول 2010. وكان المشروع قد وضع بالتنسيق مع وزارتي الداخليّة والعدل إلى جانب مجموعة من الجمعيّات الأهلية المختصّة وجمعيّة الأطباء النفسيين ممثلة نقابة الأطباء. ويأتي ذلك بالتعاون مع جهات عالميّة كمجموعة «مدنت بومبيدو» ووزارة الداخليّة الفرنسيّة.
بالنسبة إلى رئيس لجنة الصحّة النيابيّة الدكتور عاطف مجدلاني، فإن مواجهة السيدا في لبنان تعيقها صعوبات عديدة لعلّ أحد أبرزها «السياحة في الاتجاهين وخصوصاً السياحة الجنسيّة». من هنا، أوضح أنه «علينا كمسؤولين زيادة الرقابة للوقاية، وزيادة حملات التوعية خصوصاً في المناطق النائية حيث تنعدم في بعضها أية عمليّة تثقيف جنسي ضروريّة».
وشدّد مجلاني على أن «العنصر الأساسي في الوقاية مرتبط بمشروع الثقافة الجنسيّة في المدارس، خصوصاً أن الدراسات أظهرت أن لا ارتباط بين التثقيف الجنسي في المدارس وزيادة الرغبة الجنسية أو زيادة العلاقات الجنسية».
ولفت مجدلاني أن لقاء الأمس أتى «لنرى أين أصبحنا في نضالنا المشترك بمواجهة مرض عضال يفتك بالمجتمعات ومن ضمنها مجتمعنا، فيقلق المرضى والأصحاء في آن. فعلى الرغم من تقدّم الاكتشافات الطبيّة إلا أنها لم تتمكن من إيجاد علاج نهائي له حتى اليوم». من هنا، رأى أنه «من واجب كل فرد منا أن يشعر بمسؤوليّته نحو تخفيف معاناة المصابين وحماية المعافين بالإضافة إلى بذل الجهد لخفض نسب الإصابة ومنع تفشي المرض أو على الأقل الحدّ من تفشّيه».
وأكّد مجدلاني أنه «تحت شعار: المرض ينتقل بالعلاقات الجنسيّة لا بالعلاقات الإنسانيّة، علينا إكمال التحرّك معاً جميعاً مسؤولين وهيئات مجتمع مدني لتحقيق المصالحة بين المريض والمجتمع للتخفيف من الحالات العدائية التي تؤدي إما إلى محاولة انتقام المريض من مجتمعه من خلال نشر المرض وإما إلى عزل المجتمع للمريض وزيادة حجم مأساته الإنسانيّة ودفعه إلى العيش في ظروف تتنافى حتماً وإنسانيّتنا».
ممثّل منظمة الصحة العالميّة في لبنان الدكتور ضاهر أدن، وهو رئيس فريق الأمم المتحدة لمكافحة السيدا، يرى أن أهميّة «اليوم العالمي» تكمن في كونه «يذكّرنا بأنه ما زال هناك فيروس مدمّر يهدّد البشريّة في جميع أوجه حياته، الأمر الذي يضطرنا إلى المضي قدماً ومضاعفة الجهود لمواجهة هذا الوباء».
ويشرح آدن أنه على الرغم من أن الإصابات العالمية الجديدة انخفضت بنسبة 30 في المئة عما كانت عليه في ذروتها قبل 12 عاماً، إلا أن الحالات في العام 2008 بلغت أكثر من 31 مليون إصابة، نحو 16 مليون منها من النساء وأكثر من مليوني طفل. إشارة إلى أنه تم تسجيل مليوني حالة وفاة في ذلك العام. أما في ما خصّ الشرق الأوسط وشمال افريقيا، فيوضح آدن أنه تمّ تسجيل 35 ألف حالة جديدة بالإضافة إلى 20 ألف وفاة. أما تراكم عدد المصابين في المنطقة فيقدَّر بـ310 آلاف.
وأكّد آدن أن شعار هذا العام «إتاحة الصحة للجميع تجسيداً لحقوق الإنسان» ليس سوى «تأكيد على حقّ المصابين بالعمل والزواج والسفر والحصول على مسكن والعيش بسلام وبظروف صحيّة مناسبة.. وهي حقوق وللأسف منتهكة بالنسبة إلى هؤلاء».
أما رئيس مؤسسة عامل الدكتور كامل مهنا فتحدّث باسم تجمّع الهيئات الأهليّة التطوعية في لبنان، مشدّداً على ضرورة «تعزيز دور الهيئات الأهلية في لبنان التي تشارك في الخطة الوطنية الاستراتيجية لمكافحة السيدا». فطرح سلسلة اقتراحات أبرزها «تعزيز الشراكة بين المنظمات غير الحكومية، وضع خطة موحّدة يشارك الجميع في تنفيذها، بناء قدرات بشرية من أجل تنفيذ النشاطات المحددة، تعبئة موارد مالية وتقنية لدعم المنظمات غير الحكومية من قبل الوزارات المعنية والمنظمات الدولية والهيئات المانحة».
ورأى مهنا أنه «في وقت يواجه المواطن اللبناني مجموعة من الأزمات المتلاحقة كالتعليم والصحة والبطالة، وفي زمن بات فيه الفقر مشهداً والمطالبة تسولاً والمسؤولية العامة إحساناً، فإن وباء فيروس نقص المناعة البشرية ـ السيدا لا يشكل محنة إنسانية فحسب، بل يعتبر تهديداً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد العالمي».
وكان ممثّل نقيب الصحافة اللبنانيّة محمد البعلبكي، فؤاد الحركة، قد رحّب بداية بالمجتمعين مضيفاً إلى فيروس السيدا (موضوع اليوم) والفيروسات الأخرى كأنفلونزا الخنازير (موضوع الساعة) فيروساً جديداً هو «أتش 8 وأن 14». هو لم يتمكّن البقاء بعيداً عن السياسة مبرراً ذلك بـ«أنا صحافي»، متسائلاً إذا ما كان لبنان يستطيع أن «يتحصّن ضد فيروسات الثقة المعدومة أتش 8 وأن 14 فتنتهي المصائب التي نعيشها».

شكرا على الخبرية بس مين يالي بجيب الصبايا السياحية من الخارج
لوووول