منتديات ليب مون

أمام وزارة العدل، صرخت والدة علي أحمد: «إبني تهمته شراء دراجة نارية مسروقة، عملتوه مجرم ومتعاطي. حبوسكم ورومية تبعكم عملت ابني حشاش وبيحبحب. اسمعونا، رجعوا لنا أولادنا سالمين مش مجرمين، ربوهم، عاقبوهم بس ما تهينوهم!».
أم علي، ليست وحيدة أمام وزارة العدل، هي هنا إلى جانب عشرات الأمهات اللواتي يصرخن جمعياً، أمام قوى الأمن لما يسمينه «حقوق أبنائهن وأزواجهن وأخواتهن بالمعاملة الحسنة في السجن وفي العفو العام». النساء صرخن، وهتفن في وقت واحد، واندفعن إلى الإعلام ليروين قصص حياتهن المعلقة بانتظار تحقيق مطالب قانونية وانسانية، فهن لا يخشين من عرض مأساة لم تنته منذ سنوات، كما تقول أم محمود: «زوجي محكوم مخدرات منذ سبع سنوات، المأساة كانت في التهمة بحد ذاتها، ولكننا اكتشفنا لاحقاً أنهم يتعرضون للاهانات ولسوء المعاملة، والفلتان»، وتتساءل: «ليش بدنا نخاف نحكي، ومن مين، العار طالنا، بس كيف بدهم، فوق كل هل العذاب، إنو نتحمل الظلم كمان، طلعوا فينا، طلعوا بحالنا، احترمونا أمومتنا ومشاعرنا».
تعترض الأمهات والزوجات، على إهانات توجّه للسجناء، وعلى تفشي أنواع من الفساد والمخدرات والسرقات في كثير من السجون اللبنانية، وقد سبق لعدد من الجهات الحقوقية أن تطرقت لتلك الاعتراضات وطالبت أيضا بوقفها، من دون أن تثبت أي تغيرات جذرية، بانتظار نقل صلاحيات السجون اللبنانية إلى رعاية وزارة العدل في السنوات المقبلة. هكذا، كلما اعتصم أهالي السجناء، كرروا الاستنتاج نفسه: «تُدخلون المتهم إلى السجن للعقاب، وتخرجونه مجرماً».
وقد اتفق مع الأهالي على الاستنتاج سفير المنظمة العالمي لحقوق الانسان في لبنان والعالم علي الخليل، الذي لفت، باسم أهالي السجناء، إلى أن «الفساد متفش في السجون، بكل أنواعه، ويساهم وضع السجناء مرتكبي جرائم وأخطاء مختلفة مع بعضهم، بتحويل المتعاطي إلى تاجر محترف. أضف إلى ذلك أنه توفي أكثر من خمسين سجينا منذ عام 2007 ولم يفتح تحقيقا بأسباب وفاتهم». واعتبر الخليل أنه «في السجون مرضى نفسيون غير مسؤولين عن أخطائهم، ومرضى جسديون مصابون بأمراض خطيرة كالسل والسرطان والإيدز ما يجعل السجن مساحة خطرة».
وطالب الخليل بـ»تعجيل المحاكمات، ووقف التأجيل غير المبرر، احتساب مدة التوقيف الاحتياطي مضاعفة، والاسراع بإقرار قانون جعل سنة السجين تسعة أشهر، والاسراع في تطبيق البند 108 من أصول المحاكمات، ووضع آلية لتنفيذ القانون 2002/463، وعدم الدمج بين عقوبة السجن والغرامة المادية والحرمان من الحقوق المدنية، التي تدمر الفرد والأسرة والمجتمع، ونقل صلاحيات السجون بأسرع وقت إلى رعاية وزارة العدل، وإلغاء عملية الحصول على إذن من النيابة العامة لمواجهة الموقوف والاكتفاء بتدوين أسماء الداخلين بحسب هوياتهم».
والمطلب الأخير هو واحد من المطالب الأساسية التي تعتصم لأجلها عمة السجين علي سليم ح.، التي تردد: «إضافة إلى البهدلة والحرمان والتعنيف والمصائب في السجون، نمنع من رؤيته إلا بعد سلسة معاملات وأذونات، ولا تكون الموافقة إلا للأقربين».
وتبقى واحدة من أكثر معضلات السجناء في لبنان تفشياً، هي توقيفهم من دون محاكمات، وهي حال اسماعيل غ. الذي «أوقف بتهمة تعاطي المخدرات، ولم يحاكم حتى اللحظة»، كما تقول زوجته، وتضيف: «أربّي أولادي الأربعة لوحدي وأحتمل معاناة يومية لأؤمن قوتهم ومصروف التعليم والمعيشة، كل ما أطالب به هو التسريع بمحاكمته، لنعرف مصيره ومصير حياتنا، لنعرف موعد عودته إلينا، وليزورنا النوم بانتظار عودته».