منتديات ليب مون

مع اقتراب الثورة الليبية من نهاية شهرها الاول، بدا أن الرئيس معمر القذافي قد نجح في قلب المعادلة على أرض الميدان، بعدما سقطت غالبية مدن الغرب أمام زحف قواته، فيما انتقل خط الجبهة شرقاً باتجاه مدينة اجدابيا، التي لا يفصلها عن معقل الثوار في بنغازي سوى عشرات الكيلومترات، في وقت ما زالت المعارضة المسلحة تراهن على عامل الوقت، أملاً بقرار دولي، ما زال متعثراً، يحرم النظام من الغطاء الجوي الذي يشكل العمود الفقري لهجومه المضاد.
وتقدّمت قوات القذافي يوم أمس باتجاه مدينة اجدابيا، التي يبلغ عدد سكانها 250 الف نسمة وتعد خط الدفاع الأخير عن المعقل الرئيسي للثوار في مدينة بنغازي (160 كيلومتراً إلى الشمال).

وعلى بعد ستة كيلومترات إلى الغرب من أجدابيا، أمطرت قوات القذافي المواقع المتقدمة للثوار بالقذائف المدفعية والغارات الجوية، في ما وصفه أحد الثوار بأنه «سياسة الأرض المحروقة»، ما دفعهم إلى الانكفاء إلى داخل المدينة، التي يتوقع أن تشهد معارك ضارية بين الجانبين خلال الساعات المقبلة.
وأشار الثوار إلى أنّ قوات القذافي تتبع نهجاً موحّداً في استعادة السيطرة على المدن الليبية، فهي تبدأ بهجوم الطائرات الحربية فتثير الرعب في صفوف المعارضة، ثم يأتي القصف المدفعي مع تحرك القوات البرية وإنزال جنود من البحر.
أما في الغرب، فقد هاجمت قوات القذافي مدينة الزوارة، التي يقطنها عشرون ألف شخص ينحدرون في غالبيتهم من أصل أمازيغي، وسيطر عليها الثوار منذ بداية الثورة في 17 شباط الماضي. وقال شاهد عيان إن «الزوارة في أيديهم الآن»، مضيفاً «إنهم يسيطرون عليها ولا أثر للمعارضة المسلحة... الجيش والدبابات في قلب المدينة الآن». وتابع «لقد توقف القتال... وهم هنا».
برغم ذلك، ما زال الثوار يسيطرون على مدينة مصراتة الإستراتيجية التي تقع على مسافة 150 كيلومتراً إلى الشرق من العاصمة طرابلس. لكن إطلاق نار من أسلحة أوتوماتيكية لا يزال يسمع في محيطها بحسب احد السكان.
وغابت الأجواء الاحتفالية عن مدينة بنغازي، لتتحوّل إلى أجواء من القلق والترقب. وخلافاً للتصريحات التي صدرت عن القادة السياسيين والميدانيين للمعارضين خلال الأسابيع الماضية، بدا الثوار مستعدين للقبول بدعم دولي تتراوح أشكاله بين التسليح وفرض حظر جوي... وحتى ضرب المطارات العسكرية التابعة للنظام.
وقال المتحدث الرسمي باسم الثوار في مدينة مصراتة إنه لا يعتقد أن المجلس الوطني في بنغازي سيعترض على أي تدخل عسكري باستثناء دخول قوات أجنبية إلى الأراضي الليبية، لافتاً إلى أنه «يمكن التدخل بقصف مطارات حربية أو ما شابه ذلك، لأن الثوار لا يمتلكون أسلحة استراتيجية مضادة للطائرات، لوقف الجرائم البشعة التي يقوم بها نظام القذافي»، فيما قال اللواء محمد عبد الرحيم، وهو أحد القادة الميدانيين للثوار، «إننا نريد أسلحة من المجتمع الدولي لمقاتلة هذا المجرم، بدلاً من أن يتفرج العالم على القذافي وهو يذبح شعبه».
برغم ذلك، قال المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، الذي شكله الثوار في بنغازي، إنه «إذا كانت قوات القذافي على أبواب بنغازي وليست هناك منطقة حظر جوي فسنقاتل بالتأكيد». وأضاف، رداً على سؤال حول إمكان قصف بنغازي، «يمكن توقع كل شيء من رجل مثل القذافي... لكننا سنبذل أقصى جهدنا للانتصار».
مجلس الأمن
ويبدو أن هناك فرصة حقيقية أن تنهي قوات القذافي المعركة على الأرض بينما تضيع القوى الدولية الوقت في الاتفاق على رد على ما يحدث في ليبيا، في الوقت الذي ظل فيه مجلس الأمن الدولي منقسماً حول إصدار تفويض بفرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا، وهو ما ظهر مجدداً خلال الاجتماع الذي عقده أعضاؤه مساء أمس في نيويورك.
وقادت فرنسا وبريطانيا الدعوة لفرض حظر على الطلعات الجوية العسكرية في مختلف أنحاء ليبيا. وقالت فرنسا إنها تأمل أن يؤدي قرار جامعة الدول العربية، يوم السبت الماضي، دعوة المجلس لفرض حظر الطيران إلى إقناع أعضاء المجلس بتأييد الحظر.
وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار أرو قبل الاجتماع المغلق للمجلس «الآن بعد صدور هذا البيان من الجامعة العربية نأمل بالفعل في أن يؤدي ذلك لتغيير قواعد اللعبة بالنسبة للأعضاء الآخرين في المجلس». وأعرب أرو عن أمله في الحصول على موافقة على قرار حظر الطيران، قائلاً «إنه ممكن. لم يكن هناك رفض كامل. كانت هناك مخاوف وأسئلة لكنني أعتقد أننا نمضي قدماً»، لكنه أضاف «نفضل العمل بأسرع ما يمكن ونريد أن يعمل شركاؤنا في المجلس بالإلحاح نفسه الذي نعمل به. هذا هو مبعث الأسف البسيط لديّ».
من جهته، قال السفير الروسي فيتالي تشوركين للصحافيين إن مجلس الأمن ليس في وضع يمكنه من التصويت على حظر الطيران، لافتاً إلى أن بعض أعضاء المجلس يحتاجون إلى المزيد من المعلومات. وأوضح أن «أسئلة أساسية تحتاج إلى إجابات. لا مجرد ما نريد أن نفعله بل كيف سينفذ. إذا فرض حظر للطيران فمن الذي سينفذه. من دون هذه التفاصيل أو الإجابات على تلك الأسئلة فمن الصعب جداً اتخاذ قرار مسؤول»، لكنه أشار إلى أن موسكو ما زالت «منفتحة الذهن»، وأنها لم ترفض فكرة الحظر الجوي.
من جهته، قال السفير الألماني بيتر فيتيش إن برلين تؤيد تشديد العقوبات التي أقر مجلس الأمن فرضها على القذافي وعائلته والمقربين منه في السادس والعشرين من شباط الماضي، لكنه كان أكثر تشككاً بخصوص فكرة حظر الطيران، قائلاً «طرحنا بعض الأسئلة وما زال بعضها من دون إجابة».
أما وفد الولايات المتحدة، الذي لم يتخذ قراراً بعد بخصوص ما إذا كان سيساند حظر الطيران، فغادر قاعة مجلس الأمن من دون الإدلاء بتعليق.
وقال المندوب اللبناني نواف سلام، وهو ممثل الدولة العربية الوحيدة في مجلس الأمن حالياً، إن لبنان سوف يساعد في إعداد مسودة قرار، موضحاً أن «المجلس سيعاود الانعقاد قريباً لمناقشة الموضوع ونأمل في أن يتخذ قراراً قريباً بهذا الخصوص». ولفت إلى أنّ لبنان يريد من المجلس «العمل بأسرع ما يمكن» بخصوص موضوع حظر الطيران، قائلاً إن هذا «ليس طلباً مشروعاً فحسب بل طلب ضروري. ينبغي اتخاذ إجراءات لوقف العنف».
مجموعة الثماني
وبعيداً عن نيويورك، تسعى فرنسا لدفع وزراء خارجية الدول الثماني الصناعية الكبرى خلال اجتماعهم الذي بدأوه في باريس، أمس، للاتفاق على تحرك بشأن ليبيا ودعم جهودها للإسراع في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بفرض منطقة حظر جوي.
وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أن قضية ليبيا ستكون على رأس جدول أعمال المحادثات التي ستجري بين الوزير آلان جوبيه، ونظرائه الأميركية هيلاري كلينتون، والبريطاني وليم هيغ، والكندي لورانس كانون، والألماني غيدو فسترفيله، والإيطالي فرانكو فراتيني، والياباني تاكياكي ماتسوموتو، والروسي سيرغي لافروف.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «لا يمكن استبعاد أي خيار» مع تفاقم العنف، مشيراً إلى أن «الاستنتاجات من القمة الأوروبية في 11 آذار، وقرار جامعة الدول العربية في 12 آذار، توضح بجلاء التزام المجتمع الدولي القويّ بحماية الشعب الليبي».
والتقى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، مساء أمس، كلينتون التي لم تدلِ بأي تصريح عقب الاجتماع.
وكان وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ اعتبر أن على القوى الدولية التفكير في تسليح المعارضة الليبية، والقيام بتحرك سريع لمنع قوات معمر القذافي من القضاء على الثوار. وحذر هيغ من أن نجاح القذافي في سحق المعارضة والاستمرار في السلطة سيكون كابوساً للشعب الليبي، معتبراً «لحظة اتخاذ قرار» بشأن تدخل دولي ذي مغزى تلوح في الأفق.
القذافي
في هذا الوقت، دعا معمر القذافي كلاً من الصين والهند وروسيا إلى ان تتولى شركاتها صناعة النفط في ليبيا. وذكرت وكالة أنباء الجماهيرية أن القذافي «استقبل سفراء كل من الصين والهند وروسيا لدى الجماهيرية العظمى. وقد تم التطرق في هذه المقابلات إلى العلاقات الثنائية بين الجماهيرية العظمى وهذه الدول ودعوة شركات هذه الدول لتتولى صناعة النفط في ليبيا»، مضيفة أنه «تم التأكيد خلال هذه المقابلة على أهمية مساهمة الصين والهند وروسيا في إطفاء الحريق الذي أشعله الإرهابيون المرتزقة في خزان رأس لانوف النفطي» في شرقي البلاد