منتديات ليب مون

أعلنت شركة «نوبل أنرجي» الشريكة في التنقيب عن الغاز والنفط في حقل «لفيتان» في عمق البحر الأبيض المتوسط النتائج الفعلية لفحوصاتها الميدانية. وأظهرت هذه النتائج صحة التوقعات الأولية التي تحدثت عن أن الحقل يحوي 16 تريليون قدم مكعب من الغاز، ما يجعله الاكتشاف الأهم في مجال الطاقة في العالم في العقد الأخير. ويسمح هذا الاكتشاف الغازي لإسرائيل بالإعلان عن نفسها إمبراطورية في مجال الغاز، ما يفتح الباب واسعا أمام صراعات داخلية إسرائيلية حول حصة الدولة ونظام الضرائب وصراعات إقليمية ليس فقط حول حقوق الاستثمار بل أيضا حول الأولوية في كسب الأسواق الخارجية وخصوصا في أوروبا.
وأشارت الصحف الاقتصادية الإسرائيلية إلى أن بورصة تل أبيب أوقفت التعامل في أسهم الشركات التي تملك امتياز «لفيتان» قبل ساعات من إعلان نتائج الفحوصات الميدانية. وخلال وقت قصير أعقب الإعلان المذكور، تراوحت ارتفاعات أسهم الشركات الثلاث الشريكة في حقل «لفيتان» بنسب تتراوح بين خمسة إلى عشرة في المئة. كما ارتفعت أيضا أسهم الشركات التي تملك امتيازات للتنقيب عن الغاز والنفط قريبة من حقل «لفيتان».
ويقع حقل «لفيتان» على مسافة 135 كيلومترا شمال غرب حيفا في منطقة محاذية للحدود البحرية اللبنانية وقد يتشابك معها. ويعتبر الحقل واسعا جدا ويمتد على منطقة تبلغ مساحتها 325 كيلومترا مربعا، الأمر الذي يستدعي إجراء حفرين آخرين أو أكثر لتقدير الحجم الفعلي لمحتوياته. وكما سلف يضم الحقل 16 تريليون قدم مكعب من الغاز أي ما يساوي 453 مليار متر مكعب وهو رقم أكبر بحوالى 80 في المئة من رقم الغاز المكتشف في حقل «تمار» الذي يقع على مسافة 47 كيلومترا منه نحو الجنوب الشرقي.
وأشار بلاغ صادر عن شركة «نوبل أنرجي» والشركات المساهمة في حقل «لفيتان» الى أن نتائج الاختبارات الكهربية التي انتهت أمس الأول طابقت تماما التقديرات الأولية التي نشرت في حزيران الفائت بناء على فحص سيسمولوجي ثلاثي الأبعاد. وأضاف أنه «في إطار الحفريات تكشفت في الطبقة المستهدفة رمال تخزين بنوعية جيدة جدا، تضم غازا طبيعيا، بسمك كلي لا يقل عن 67 مترا على طبقات متعددة». وشدد البلاغ على أن هذا هو «الاكتشاف الغازي الأكبر في العالم في المياه العميقة في العقد الأخير». وشدد على أن «الشركاء في التنقيب ينوون مواصلة فحص مختلف الخيارات لتصدير الغاز الطبيعي الذي تم اكتشافه، خصوصا بواسطة خط أنابيب و/أو عن طريق تسييل الغاز».
ولم تنس الشركات المنقبة عن الغاز في حقل «لفيتان» أن تحاول تصفية الحساب مع وزارة المالية و«لجنة شيشنسكي» التي كلفت بإعادة النظر في النظام الضريبي وتقاسم الحصص من عائدات الغاز. ولذلك أعلن المدير العام لشركتي «ديلك أنرجي» و«أفنير»، جدعون تدمور أن «النتائج بشرى مفرحة لقطاع الطاقة الإسرائيلي وهي ذات قيمة اقتصادية واستراتيجية هائلة. وبغية إتاحة المجال لتحقيق الإمكانية الهائلة الكامنة، ينبغي استثناء حقلي «لفيتان» و«تمار» من كل تغيير مالي مستقبلي والسماح بتطويرهما الفوري لأنهما ركيزة كل ميدان التنقيب عن الغاز في إسرائيل».
وأضاف تدمور أن «تحقيق القدرة الكامنة في حقل «لفيتان» يلزم المبادرين باستثمارات هائلة في البنى التحتية لتصدير الغاز بحجم لم يسبق له مثيل يصل إلى عشرات مليارات الشواقل». وأضاف أن هذه البنى التحتية «تخلق أماكن عمل كثيرة لمواطني إسرائيل، تسهم في تحسين مستوى الحياة في إسرائيل وتوفر لدولة إسرائيل رافعة جيوسياسية تغير مكانتها في الحلبة الدولية. ومصلحة مواطني إسرائيل تلزم حكومة إسرائيل برؤية استراتيجية تتعالى على الاعتبارات الحزبية الضيقة وتضمن تطور مشروعي حقلي «تمار» و«لفيتان» بسرعة كبيرة وبالشروط التي وعد المستثمرون بها».
وكانت الحفريات قد تأخرت عن موعدها عدة أسابيع الأمر الذي زاد من تكلفة الحفريات بما يزيد عن عشرين مليون دولار. وبحسب التقديرات الأولية فإن الحفر في «لفيتان 1» يكلف حوالى 150 مليون دولار. إذ ان تكلفة استئجار منصة الحفر Sedco Express التابعة لشركة Transocean تزيد عن مليون دولار يوميا. ومن المتوقع أن تواصل منصة الحفر عملها في المكان نفسه لتصل إلى طبقة مستهدفة أخرى بعمق 5800 متر يعتقد أنها تحوي كمية من النفط تقدر قيمتها بحوالى 3 مليارات دولار. ويتوقع أن تعلن نتائج هذا الحفر في شباط المقبل حيث في ضوء النتائج سيتقرر إذا كان الحفر سيصل إلى عمق 7200 متر يحتمل أن يضم 1.2 مليار برميل من النفط... وفي الأسابيع القريبة سيتقرر ما إذا كان ينبغي جلب منصة حفر أخرى جديدة.
وأعلن المدير العام لشركة «نوبل أنرجي» دافيد ستوبر أن «مشاريع التنقيب الدولية الخاصة بنا أثمرت بشكل رائع. وحقل «لفيتان» يمتلك القدرة على تحويل دولة إسرائيل إلى دولة مصدرة للغاز. ونحن نفحص كل الاحتمالات المتعلقة بذلك منذ أكثر من عام».
واعتبر وزير البنى التحتية عوزي لانداو النتائج «يوماً مهماً للاقتصاد» وقال «تلقينا اليوم (أمس) بشرى الطاقة الأهم منذ قيام الدولة، والتي سوف تجلب بالتأكيد البركة لإسرائيل وسوف تؤثر على ميادين كثيرة فيها». وشدد لانداو على أن «هذا يوم هام للاقتصاد الإسرائيلي. وفي هذا المجال يمكن القول إن الشكوك زالت. فالمعطيات التي تأكدت تصادق على حقيقة أنه عبر أداء سليم، متزن ومسؤول، يمكن لإسرائيل أن تتمتع ليس فقط باستخدام الغاز بل أيضا أن تغدو بواسطته مصدر غاز في منطقة البحر المتوسط».
وأشار لانداو إلى مسألة صدقية المعطيات حول «لفيتان» عشية تقديم توصيات «لجنة شيشنسكي» فقال «أنا أعلنها صراحة أن الرابح الأكبر سيكون المواطن الإسرائيلي، الذي سينعم بغاز «تمار» وبأرباح الغاز من حقل «لفيتان». وهذه البشرى تعزز الحاجة الواضحة لمنح حقل «تمار» امتيازات استثنائية لعدة سنوات، بما يضمن بالتأكيد استخراج الغاز ووصوله إلى الشاطئ حتى العام 2013، وهي سنة حاسمة لترتيب أوضاع قطاع الكهرباء في إسرائيل».
وأوضح محللون إسرائيليون في شؤون الطاقة أن نتائج الحفر المعلنة يمكن أن تتعدل إيجابا وترتفع. وقال الجيولوجي إيتان آيزنبرغ «إننا لا نتوقع مفاجآت ولكن من دون ريب كل تنقيب يتم في هذا الحقل سوف يغير الأرقام بشكل أو بآخر. ولكن الحجم حاليا هو ما أعلن».
وبدا من كلام المدير العام لشركة «ديلك» يورام تورفوفيتش غضب على الحكومة الاسرائيلية في هذه اللحظة لأنها تفتح بابا للصراع مع الشركات. وقال إنه «بدلا من إبداء الفرح والمسارعة للعمل من أجل تجسيد النجاح وزيادته، هناك شعور ثقيل بتضييع الفرصة. فحلم هائل يتحول بعد لحظة إلى واقع وبالضبط في هذه اللحظة، هناك من يصر على أن يهدم فوق رؤوسنا البيت كله. وبدلا من مسارعة الوزراء للبحث في كيفية المساعدة في بناء بنى تحتية قومية، وكيفية تحويل الدولة إلى مقصد للاستثمار في ميدان الطاقة، تحولنا إلى جزيرة من عدم الاستقرار».
وأشار تورفوفيتش إلى خسارة شركته العقد مع «شركة إسرائيل» التي أبرمت عقودا مع مصر لاستيراد الغاز لعشرين عاما وقال إن هذه خسارة هائلة. واعتبر أنها ليست مجرد خسارة اقتصادية بل هي خسارة معنوية أيضا ولذلك طالب بوقف «مهرجان التشكيك بصناعة التنقيب عن الغاز» ووقف إجبار الحكومة «لشركات إسرائيلية على شراء الغاز المصري المميز لصالحه وبشكل مختل على حساب الغاز الإسرائيلي».
وأعلن المدير العام لشركة «هلمان ألدوبي» الاستشارية أن اكتشاف الغاز في «لفيتان» هو بداية الطريق لتحويل إسرائيل إلى دولة مصدرة للغاز. ومع ذلك قال إن هذه عملية تستغرق أعواما وهي بالغة التعقيد. وينبغي لإسرائيل أن تتذكر أنها ليست وحيدة في هذا الميدان. فتقديرات «المعهد الجيولوجي الأميركي» أشارت إلى أن لبنان وقبرص يملكان أيضا مخزونات غاز هائلة. وشدد على أن الدولة الأولى التي تطور حقولها هي التي ستتمكن من بيع غازها لأوروبا».
وبدأ لعاب الإسرائيليين في السيلان تجاه الأموال التي يمكن كسبها من هذه الحقول والأسواق المحتملة. وأشارت تقديرات متناقضة إلى أن قيمة ما تم اكتشافه هو 100 مليار دولار في حين قالت تقديرات أخرى أنه يبلغ حوالى 43 مليار دولار. وتتطلع إسرائيل لبيع الغاز ليس فقط لدول أوروبية بل أيضا لليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وهي الدول التي لا تملك أية موارد للطاقة. كما أن الهند والصين في البال ولكن بأولوية ثانوية نظرا لطبيعة العقود التي توقعها.
ورغم الفرحة الكبيرة في إسرائيل وتجلت في احتلال خبر إعلان نتائج الفحوصات الميدانية العناوين الرئيسية لنشرات التلفزيون، أعلن المحلل غيل باشان أنه ينبغي للمستثمرين معرفة أن الاكتشاف التجاري ليس مجرد إعلان عن كميات وأن ذلك مجرد عامل بين ألف عامل وعامل في تحديد مصير الغاز. فليس مؤكدا أنه بالوسع تصدير هذا الغاز رغم كل الكلام عن التصدير. وقال إن هذا مجرد إعلان من شركة «نوبل أنرجي» وأوضح أن فرصة أن يبدأوا في استخراج الغاز من «لفيتان» لن تتحقق قبل العام 2017.