منتديات ليب مون

تكرّس الخط السياحي للركاب بين طرابلس ومرسين التركية عبر مرفأ طرابلس أمراً واقعاً وحقيقة راسخة، بعد تضافر جهود القطاع الخاص مع القطاع العام، والتعاون الذي ساهم في إنجاح الرحلة الأولى من نوعها منذ أكثر من 60 عاماً ذهاباً وإياباً. وذلك عند وصول الباخرة «آزورة» إلى مرفأ طرابلس مطلع الأسبوع الماضي، وانطلاقها ليل الخميس الفائت إلى مرسين وعلى متنها نحو 170 راكباً من الميناء وطرابلس وسائر المناطق اللبنانية، لتدشّن هذا الخط الذي من شأنه أن يعزز الانفتاح اللبناني ـ التركي والتواصل بين الشعبين الشقيقين، وينعش الاقتصاد والتجارة والسياحة في العاصمة الثانية.
وقد عادت «الآزورة» صباح أمس الاثنين إلى مرفأ طرابلس وعلى متنها إضافة إلى الركاب اللبنانيين عدد من السواح الأتراك الذين سوف تنظم لهم الشركة المتعهدة برنامجاً سياحياً يشمل جولة في مدينة العلم والعلماء وبعض المناطق الشمالية، على أن تنطلق ليل الأربعاء في رحلتها الثانية إلى مرسين وعلى متنها ما يقارب 200 راكب لتمضية سهرة رأس السنة في الربوع التركية، على أن تتواصل الرحلات بمعدل رحلة ذهابا وإيابا كل 48 ساعة، بهدف تفعيل التبادل السياحي والتجاري بين لبنان وتركيا، خصوصا في ظل تمايز الباخرة «آزورة» بامكانية شحن البضائع، وسيارات المسافرين من والى تركيا.
بين مرسين وطرابلس
فوجئ المسافرون لدى حضورهم الى مرفأ طرابلس بإجراءات إستثنائية، حيث حُوّل مدخل المرفأ إلى قاعة مسافرين مؤقتة مجهزة بـ 25 طاولة و200 كرسي وكافتيريا، وبمكتبين مطلين على القاعة الأول للأمن العام والثاني للجمارك، حيث تم ختم جوازات سفر المغادرين وكتابة البيانات يدوياً، ما أشار إلى غياب المكننة التي يجب أن تعتمد لاحقاً لتسهيل عملية المغادرة، إضافة الى ضرورة استقدام فاحصة «سكانر» للحقائب بدل التفتيش اليدوي الذي اعتمده عناصر الجمارك، كما تم اعتماد باصات حديثة لنقل الركاب الى الباخرة «آزورة» الراسية على الرصيف رقم 5.
وعند العاشرة من ليل الخميس الفائت اكتمل عقد المسافرين على متن الباخرة «آزورة»، قبل أن يطلق القبطان الأبواق معلنا الانطلاقة الأولى نحو مرفأ مرسين الذي يبعد عن مرفأ طرابلس 190 ميلا. وقد أبحرت «آزورة» بسرعة 18 ميلا في الساعة، واستغرقت الرحلة نحو 11 ساعة، توزع خلالها الركاب على 128 غرفة نوم، وضمن الكافتيريا، والصالات المجهزة بآلات التسلية والترفيه. ولدى وصول الباخرة إلى مرفأ مرسين كان في استقبالها كبار الاداريين في المدينة، والتلفزيونات والصحف التركية التي كانت أجرت سلسلة تحقيقات حول أهمية افتتاح الخط السياحي الرابط بين طرابلس ومرسين الذي انتشرت إعلاناته أيضاً في الشوارع والمراكز التجارية.
وخلال الجولات السياحية للوفد اللبناني في مرسين التي شملت المواقع الأثرية والمعالم السياحية والمحلات التجارية الكبرى وفي مقدمتها فوروم مرسين الذي أعدّ برنامجا خاصا لزواره اللبنانيين، أبدى المواطنون الأتراك اهتماما منقطع النظير بالخط السياحي الجديد، حيث سارعوا الى الاستفسار عن خدماته، والسؤال عن طرابلس «المحروسة» التي تحتضن الكثير من الآثار العثمانية والتركية، فضلا عن إمكانية نقل البضائع الى مختلف المناطق اللبنانية وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وكذلك نقل السيارات السياحية.
ويقول المواطن التركي موسى كلتش: «أنا أسمع الكثير عن طرابلس وعن الآثار العثمانية فيها، وكنا نتمنى زيارتها لننطلق منها سياحيا وتجاريا إلى سائر المناطق اللبنانية، وخلال الفترة الماضية جرى تذليل كل العراقيل بدءا بالغاء التأشيرات وصولا الى افتتاح الخط البحري الذي نأمل أن يساهم في تعزيز التواصل مع الشعب اللبناني الذي له مكانة خاصة في تركيا». كما تؤكد المواطنة التركية ويسي سغلم أنها ستسارع إلى حزم حقائبها للقيام برحلة «إلى طرابلس، التي تضم آثارا من عهد السلطان عبد الحميد». ويتمنى المواطن التركي سلطان باك أن يساهم الخط «في تنشيط التبادل التجاري على صعيد المفروشات»، لافتاً إلى إمكانية استيراد كميات من المفروشات التي تشتهر بها طرابلس عبر الباخرة «آزورة» إلى تركيا.
في طريق العودة قدمت إدارة مرفأ مرسين والأمن العام التركي كل التسهيلات للمغادرين حيث تم ختم جوازات السفر قبل وصول الوفد اللبناني إلى الباخرة التي انطلقت عند الثامنة من مساء أمس الاول الاحد وقدمت خدماتها الكاملة للركاب، ووصلت عند الساعة السابعة صباحاً الى مرفأ طرابلس، حيث قام عنصران من الأمن العام بالصعود إليها لأنهاء كل الإجراءات الأمنية واللوجستية. وتؤكد سهام دالاتي، التي كانت من عداد الركاب، على أن «الرحلة كانت ممتازة وممتعة، وأعطت أفضلية لطرابلس على المدن اللبنانية الأخرى»، داعية المسؤولين إلى «تحويل طرابلس إلى عاصمة لجذب السياح سواء من تركيا أو من البلدان الأخرى، أو علـى صعـــيد السياحة الداخلــية، كونها تختزن أكثر المعالم الأثـــرية الصليبية والمملوكية والعثمانية الموجــودة في لبـنان