منتديات ليب مون

كانت تنتظر احدا توقدله مدافئ الحطب.. تتزين امام المرايا العاجية ترسم افق عينيه وخطوط القامة وألق الحضور.. وقد تغير بعضا من ملامحه ولكنه يبقى في ضباب الذاكرة وعلى ضفاف الخاصرة رمحا ردينيا يولد من قمقم انتظارها متشحا برداءمن ايام شتاءاتها الباردة... مسكون بالعشق لأمرأة هي بعينها ....
ومرت سنة... كان عاما قحطا يبس فيه عشب سواقيها وارتدى الحداد... حمل ابوها على هودج المرارات وحملت هي وجع امها... غير انه كان في ليل الحلم المنقطع كان يأتي ينتزع خنجر الوجع يطبع قبلته على الوجه الاسيل ويهمس انه آت...
ومرت سنة اخرى... زار روابيها خاطبون عدة من العامة واثنين من الخاصة.. طبيب احدهما والآخر بحارسكن الموج وعشق الموانئ البعيدة .. احبها لانها تشبه حبيبته الصغيرة اليونانية الغادرة .. ولأن فيهاشيئا من اثينا وبعضا من جنوة وفتنة اهل الشام وسحر بنات الحجاز.. ولكن ألما اعتذرت لانها موعودة لاحد...
ومرت سنون عدة كانت كمن يبيع عمره لمواقد النار... كان نحل الوحدة والانتظار يمتص بعضا من عسل العينين وينخل شمع الجسد.. وربما لمعت خيوط فجر في ليل الشعر الابنوسي.. وربما كمد بريق في نظراتها كان يستدعي ملاح الرجال لبواباتها فتغشاهم وهي تجتر حلمها الاوحد ورغما عنها يسيل الوجع ويغتسل الصبح ببقايا الملح والزبد..
وخلف السنون اوجعتها عصور الفراق واورثتها اهتمامات عدةبرعت فيها حتى برق نجمها عاليا... غير انه لم يغب تماما.. كانت الرؤيا تبشرها دائما انه آت وان سفينته تقترب من الميناء وانه يحمل بين ذراعيه كل السنين البيض لينقذ البخور الغافي في خدر العتمة... وليشيل من الماء الآسن زنبقته البيضاء...
خان انتظارها هو... لكنه اتى مع النوارس على اكتاف شبان سمر يغنون للفرح.. اتى حاملا عشقه لامرأة اخرى بطول زنبقة صغيرة وبأعوام لا تتعدى اصابع الكفين مرتين...
اما هي فاتشحت برداء زفاف لم يتم ونثرت عطورها المعتقة في غرف الامس وهمست لمرآتها :كم هو مر ان يمضي العمر ولاتصل الى مرفأ قلبك السفينة الموعودة... وكم هو أمر ان تصل السفينة وقت الغروب فتختار مرفأاخرلتلقي فيه مرساتها...