منتديات ليب مون

ملفات الظل في الحكومة الثالثة


قفزت حكومة الظل الشبابية الثالثة فوق الحوار الدائر في لبنان، لتعلن أمس، على لسان أمينها العام عياد واكيم، أن المقاومة في لبنان غير شرعية، قبل أن تعود »الحكومة« في وقت لاحق، لتوضح أن هذا الإعلان لا يعبر عنها مجتمعة.
هذا الموقف جاء رداً على سؤال عن البندين الواردين في البيان الوزاري للحكومة: ».. الجيش هو الجهة الوحيدة المخولة الدفاع عن لبنان«، و».. تحرير باقي الأراضي اللبنانية المحتلة عبر المؤسسات الشرعية«. لكن ماذا عن المقاومة اللبنانية؟ يجيب واكيم أن »المقاومة أنهت دورها..«. وبعد تكرار السؤال مرة أخرى: »ما هو موقف حكومة الظل من المقاومة؟ هل هي شرعية أم غير شرعية؟«، يأتي الجواب الحاسم والنهائي: ».. غير شرعية«.
جواب واكيم اختتم المؤتمر الصحافي الذي نظمته أمس »جمعية نهار الشباب« وحكومة الظل الشبابية الثالثة، في مجلس النواب، لإعلان البيان الوزاري لحكومة الظل. لكن الإجابة هذه فتحت نقاشاً حاداً بين بعض الوزراء والحاضرين في المؤتمر، بدأ حول تفرد واكيم بهذا الموقف، خصوصاً أن البيان لم ينص على عدم شرعية المقاومة، وإن تجاهل ذكرها. ثم انتقل إلى طبيعة النقاش والتمثيل داخل الحكومة التي تعتبر نفسها المتحدثة باسم الشريحة الأوسع من الشباب اللبناني.
وفي التفاصيل التي سبقت إعلان البيان، يرد أن مسألة شرعية المقاومة لم تطرح في نقاشات جلسة صياغة البيان الوزاري وإقراره. وكان مردّ تجاهل بعض الوزراء لهذه النقطة اعتبارهم أن المقاومة تستمد شرعيتها من وجود العدو الإسرائيلي في الباب الأول، وأيضاً من البيان الوزاري للحكومة اللبنانية. وهذه الشرعية مكرسة في كل مؤسسات الدولة الدستورية. وبهذا المعنى، فإن المقاومة تدخل ضمن بيان حكومة الظل، في البند المتعلق بالمؤسسات الشرعية، وإن لم يرد ذكرها حرفياً.
وقد علمت »السفير« أن فتح النقاش حول المقاومة خلال جلسة إقرار البيان كان سيؤدي إلى عرضها على التصويت، والنتيجة ستكون محسومة لمصلحة عدم شرعيتها، باعتبار أن أغلبية الوزراء هم من فريق الرابع عشر من آذار، أو من »المحسوبين على هذا الفريق«. هذا »التخوف« انسحب على عدد من النقاط التي تفادى بعض الوزراء طرحها، نظراً لاختلال ميزان التصويت، ومنها مثلاً مسألة إعادة رفات الشهداء من فلسطين المحتلة، ومحاكمة إسرائيل على جرائمها ضد لبنان. من هنا، كان اتفاق »الأمر الواقع« على تجاوز الوزراء للخلافات حول شرعية المقاومة لمصلحة التفاهم على مصطلح عام، هو »المؤسسات الشرعية«. لذا، انحصر النقاش في جلسة إقرار البيان الوزاري بمسائل دعم الجيش وتسليحه، باعتباره المؤسسة الشرعية المكلفة الدفاع عن لبنان.
بالعودة إلى المؤتمر الصحافي، وبحسب النظام الداخلي للحكومة، فإن المنسق العام للحكومة هو المخول التحدث باسمها. لكن الاتفاق الداخلي الذي سبق المؤتمر الصحافي قضى بأن يتحدث الوزراء في شؤون العمل المتعلقة بوزاراتهم، فيما يتولى واكيم الحديث عن السياسة العامة. هذا الاتفاق سمح لواكيم بـ»مصادرة« حق المنسق العام صالح حديفة بالرد على السؤال المتعلق بشرعية المقاومة. وقد أكد حديفة لـ»السفير«، في اتصال لاحق، أن موقف الأمين العام لا يلزم حكومة الظل، بل هو موقف شخصي. والحكومة تعبر عن موقفها في البيان الوزاري وفي بياناتها الصادرة عن المنسق العام. وعن غياب النص على شرعية المقاومة في البيان، في مقابل ما أعلنه واكيم، أوضح حديفة أن »المقاومة هي حق لكل مواطن لبناني، وهو حق تكرّسه كل القوانين والأعراف الدولية. لكن الحكومة غير معنية بالصراع القائم في البلد حول هذه المسألة، بل هي مجموعة من الشباب تسعى للخروج من هذه الدوامة الحالية، لتطور ما يمكن تطويره على صعيد العمل العام«.
وقد عبّر عن هذا الموقف بوضوح أكبر وزير، وزير حقوق الإنسان أديب أسعد: »المقاومة لم تفقد دورها، وما دام هناك شبر محتل من الأراضي اللبنانية فإن عملها شرعي. وهذه الشرعية مكرسة بوضوح في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية«.
موقف أسعد سمع أيضاً على شكل »همسات« الأقلية المعترضة على تصريح واكيم، وعلى التصفيق الذي ناله التصريح من بعض وزراء الظل. ويبرر هؤلاء موقفهم بأن الحكومة تدّعي التحدث باسم الشباب اللبناني، فيما يشكل موقف واكيم تعبيرا عن توجه سياسي لفريق واحد في البلد، لا يتفق بالضرورة مع آراء جميع الشباب، ما يطرح إشكالية شرعية الحكومة بحد ذاتها. هذه الاعتراضات عبر عنها كذلك بعض الوزراء من »فريق« واكيم، المتفقون معه في الرأي، ولكنهم يختلفون معه في »الأسلوب الراديكالي«، مثلما سماه أحد المعترضين خلال المؤتمر الصحافي. الانزعاج انسحب أيضاً على أمين سر جمعية »نهار الشباب«، راعية حكومة الظل، غسان حجار الذي اقترب في ختام المؤتمر من واكيم، موجهاً له لوماً بدا شديد اللهجة على البيان الوزاري. علماً بأن حجار مثّل الجمعية في المؤتمر، نظراً للغياب اللافت لرئيستها نايلة تويني.
ويبدو، بحسب مواقف بعض الوزراء والأجواء التي رافقت اختتام المؤتمر الصحافي، أن نقاشاً حاداً سيتخلل الجلسة الأسبوعية لحكومة الظل، اليوم. ويبدو أن بوادر الخلاف التي ظهرت أمس قد دفعت بواكيم إلى التراجع عن تصريحه باسم الحكومة خلال المؤتمر، وإعلانه لاحقاً، في اتصال هاتفي مع »السفير«، أن موقفه من المقاومة هو رأي شخصي، لا يعبر بالضرورة عن موقف الحكومة مجتمعة.
لكن نائبة المنسق العام رومي نصر وجدت أن موقف واكيم، وإن لم يرد في البيان الوزاري، فهو يعبر بشكل أو بآخر عن موقف أكثرية أعضاء الحكومة: »فالمؤيدون للمقاومة كعنوان عام لا يتجاوز عددهم خمسة أو ربما ستة وزراء، مقابل أربعة عشر وزيراً يعتقدون بانتهاء شرعيتها. وهذا يعني أنه لا داعي لطرح الموضوع على النقاش أو التصويت، ما دامت نتيجته محسومة مسبقاً«.
نصر أعطت مثلاً عن نقطة خلافية أخرى في البيان، وهي مسألة »تأكيد حق عودة »اللاجئين« اللبنانيين من إسرائيل«. هذا البند أثار نقاشا حادا بسبب تجاهله دور القضاء في محاكمة هؤلاء. وبعد إضافة النص التالي: »على أن يتولى القضاء سلطة النظر في قضاياهم بشفافية وإنصاف«، عرض البند على التصويت، فأقر مع تحفظ ٩ وزراء على مبدأ المحاكمة، وليس على مبدأ العودة، الذي ينال موافقة أغلبية كبيرة من أعضاء الحكومة أيضا.
المؤتمر الصحافي
رسمياً، انطلقت حكومة الظل الشبابية الثالثة أمس، مع إعلانها بيانها الوزاري، بحضور ممثل رئيس المجلس نبيه بري المدير العام لشؤون الجلسات واللجان رياض عنام، والنواب: غسان مخيبر، سيرج طور سركيسيان، عبد اللطيف الزين ونبيل دو فريج، الى عدد من ممثلي الوزراء والنواب وهيئات المجتمع المدني.
وتضمن البيان الوزاري قسمين، الأول عرض للسياسة العامة لحكومة الظل، والثاني تناول أولويات العمل الحكومي، بالنسبة إلى كل وزارة. وقد لقيت هذه الأولويات بعض الاعتراضات والملاحظات من النواب والمشاركين في المؤتمر، خصوصا لجهة ضبابيتها واعتمادها على عناوين كبيرة »تغفل التفاصيل التي يجدر بوزراء الظل الاهتمام بها«.
الملاحظات جاءت بعد كلمة افتتاحية لحجار، عوّض فيها عن اختلال التوازن في الحكومة، بتوجيه الشكر للرؤساء الثلاثة على دعمهم نشاطات حكومة الظل. كما تحدث عن طموحات الحكومة وأهدافها وإنجازاتها في ولايتيها السابقتين. ثم تلت وزيرة العدل لين عمار البيان الوزاري.
يذكر أن أعضاء حكومة الظل الثالثة هم وزراء: الصحة شربل قبلان، البيئة رامي حرفوش، الطاقة والموارد المائية والكهربائية دراين جبور، المعلوماتية والتكنولوجيا والاتصالات سامر فيصل، السياحة والآثار جورج رياشي، الثقافة مازن قاضي، الشباب والرياضة سهى جمال، العمل والاقتصاد والتجارة جويل يزبك، النقل والأشغال العامة عماد علم الدين، الشؤون الاجتماعية لينا سكر، الخارجية والانتشار رومي نصر، العمل رامي كيوان، الزراعة بشير سويدي، الصناعة جاد روحانا، العدل لين عمار، التربية والتعليم العالي زينة عازار، التنمية الإدارية كريستين أبو زيد، البلديات لارا سعادة، الأمن القومي صالح حديفة، حقوق الإنسان أديب سعد.