نِذرُ للخضرْ - منتديات ليب مون - موقع لبناني صور وأخبار لبنان
Loading...
اختر لونك المفضل


قديم 01-21-2015, 04:59 PM   #1
قـمر جـديد
 
الصورة الرمزية حسين أحمد سليم
تاريخ التسجيل: Nov 2008
الدولة: لبنان, بعلبك, النّبي رشادي
المشاركات: 89
افتراضي نِذرُ للخضرْ

نِذرُ للخضرْ

بقلم: حسين أحمد سليم

ذات يومٍ مجهولِ التّاريخ مضى آفلا مِن مددٍ في زمنِ العُمرْ,
حملتني أمّي طوعًا و كُرهًا في رحمِها تتجلّدُ صبرًا على الصّبرْ,
إيمانًا و إطمئنانًا و عِشقًا تسبحُ في رؤى الآمالِ على ذِمّةِ القدرْ,
تمضي الليل ساهرةً تناجي قناديلَ النّجومَ في الفضاءِ و لا تتذمّرْ,
تعُدُّ الكوكباتَ و بروج الشّمسِ و مساراتها و ترنو هانئةً لنورِ البدرْ,
تتمنّى فيما يُراوِدها أن تكونَ نجمةَ الصُبحِ في هِلالِ القمرْ,
تحسبُ الأيّامَ و الليالي بالثّواني, تستقبلُ شهرًا و تُودّعُ شهرْ,
تُخفي في مكنون كينونتها سِرَّ الكتمان كيّ لا يُشاعُ السّرّْ,
قد نذرت ما في رحمها لله تبريكًا على إسمِ العبدِ الصّالحِ الخضرْ,
و ذات يومٍ آخرَ في الحِسابِ ولدتني أمّي فقيرًا على دربِ الفقرْ,
و نذرني جدّيَ حُبّا و عِشقًا كما أمّي لِلخضرِ و قد أضناه الدّهرْ,
و هكذا جدّتي أخذت على عاتقها حملي على أكتافها لإيفاءِ النّذرْ,
و أبي راودته الأحلام يتهجّد في الليالي يتضرّعُ مُحمدلاً بالشّكرْ,
ماتَ جدّي و جدّتي و أبي و أمّي لهم الرّحمةُ و ما زال النّذرُ للخضرْ,
كنتُ طِفلاً صغيرًا و كبرتُ و لمْ أكُنْ أعرِف من يا تُرى هوَ الخضرْ؟!...
و لم أكُن لأفهمَ في ريعانِ طفولتي أسطورةَ ما معنى النّذرْ؟!
و كمْ أمضيتُ الليالي أتفكّرُ عقلنةً في النّذرِ حتّى أسكرني الفِكِرْ,
كأنّني من حيث لمْ و لنْ و لا أدري قلبنتُ ذاتي و سُجنتُ في الأسرْ,
يحملني التّخاطرُ كُلَّ ليلةٍ على صهواتِ أثيره أتحلّى بنعمة الصّبرْ,
و كُلّ ليلةٍ و من حيثُ لا أدري أُوقِدُ من شموعي في مقامِ الخضرْ,
أتحدّى وساوسَ كُلَّ الشّياطينَ بنفسٍ مُطمئنّةٍ لله في الذّكرْ,
و يزدادُ التّحدّي و يتعاظمُ إيمانًا و إطمئنانًا لله في زمنِ الكفرْ,
هي الدّنيا يا خضرُ كأنّها شمطاءُ عشّشت فيها سياسة العهرْ,
و ساسةٌ حُثالاتُ هذا الزّمنِ دُهاةٌ زناةٌ لا أمانَ لهم من الغدرْ,
و حُكّامٌ أفضلهم أولئكَ الذين كُشِفتْ عوراتهمْ كُلّما رُفِعَ السِّترْ,
كاذِبونَ إن وعدوا غادرون إن صوحبوا غيلانٌ بألبسةِ البشرْ,
طفح الكيلُ عربدةً و نجاسةً و فسادًا و إجرامًا و ساء الخبرْ,
أرسل عليهمْ شواظا من أتونٍ فليس لهم مكانا إلاّ في سقرْ,
لا تُبقي منهم نسلاً أبناء العهر و الكفرِ و القهر و لا تذرْ,
فما أغبى الذي يحملُ الأمانةَ بلا وعيٍ و كمْ يُثقله الوِزرْ؟!
تعالي حبيبتي نتطهّرُ نفسًا و فِكرًا و نغتسلُ بماء النّهرْ,
نرفعُ أكفّنا للسّماءِ بالدّعاءِ و نتضرّعُ و نتهجّدُ لله بالشّكرْ,
نحملُ كُلّ غسقٍ شموعنا نُضيءُ مزارات و مقامات الخضرْ,
لا همّ لنا سواء آمنَ النّاس أم غرقوا في دركاتِ الكُفرْ,
دركاتُ الجحيمِ أجارنا الله من نيرانها و لظاها و الجمرْ,
فدرجاتُ النّعيمِ لا يرودها إلاّ من آمن بالله و أحبّ الخضرْ,
و على السّواءِ إن كانَ الخضرُ و ليّا أو نبيّا فليس من وزرْ,
أو كان قِدّيسًا أو ملاكًا أو أيلا النّبي أو إلياس و ما جاء في الذّكرْ,
أو كان عليًا في النّورانيّةِ أو محمّدًا أو جرجس النّصارى و النّصرْ,
و إن كانَ حيّا على وجه الماءِ أو ميّتًا فليس الإيمانُ يتغيّرْ,
فتعالي حبيبتي كُلّ فجرٍ نُرتّلُ سورة الكهفِ نرود بآياتها قصّة الخضرْ...







__________________
حسين أحمد سليم
أديب, شاعر وفنّان تشكيلي عربي من بلاد الأرز لبنان
مدينة الشّمس بعلبك, الحدث, النّبي رشادي
آخر مواضيعي

0 فضل مصطفى زيادة
0 فنوني و رسوماتي مرآة نفسي
0 النّقطة الإشراقيّة
0 لقاء الخضر
0 الخضر شفيع لبنان

حسين أحمد سليم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:53 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
© جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ليب مون قمر لبنان 2016.