منتديات ليب مون

عاش المواطنون أمس يوم بلبلة وإرباك، لا سيما على مستوى الأهل والتلامذة الذين استفاقوا وسط حيرة بين تعليق الاتحاد العمالي العام الإضراب المعلن، وبين دعوة هيئة التنسيق النقابية جميع الاساتذة والمعلمين في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية في القطاعين الرسمي والخاص وفي المهنيات ودور المعلمين وموظفي الإدارات العامة الى الاستمرار في تنفيذ الإضراب العام الشامل.
وانعكس الانقسام بين مواقف الاتحاد العمالي وهيئة التنسيق «ضياعاً» في أوساط الأهالي، على مستوى اتخاذ القرار بإرسال أولادهم الى المدارس. فإثر تعليق الاضراب بعد قرار مجلس الوزراء رفع الحد الأدنى للرواتب الى سبعمئة ألف ليرة، وزيادة بدل النقل ألفي ليرة، وزيادة مئتي ألف ليرة على الراتب ما دون المليون، وثلاثمئة ألف ليرة على الرواتب ما بين المليون والمليون والثمانمئة ألف ليرة، اعتبرت هيئة التنسيق ما حصل بـ«التسوية المذلة»، كما وصفها نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض، الذي أكد استمرار الإضراب، ورفض التسوية بين الاتحاد والحكومة، وقال: «لن تسمح هيئة التنسيق النقابية بتمرير ما جرى بين اللتحاد والحكومة».
وأوضح أن نقابة المعلمين، بصفتها عضوا أساسيا في هيئة التنسيق النقابية رفضت ما صدر عن مجلس الوزراء وتعتبره «سابقة لم تحصل في تاريخ الجمهورية»، من خلال الاعتماد على «المكرمات» بدلا من تصحيح الأجور بشكل واقعي وعلمي. وأكد أن العمل جار لمنع وصول القرار الى مجلس النواب قبل تعديله ليطال مختلف الشرائح.
واكتمل مشهد الصورة مع رفض هيئة التنسيق للقرار ووصفه بـ«المذل والتخريبي». واعتبر رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب ان الأرقام «الهزيلة التي أقرتها الحكومة لا تقترب من نسب التضخم الفعلية، منذ العام 1996 (التصحيح الأخير لسلسلة الرواتب) الذي تجاوز المئة وثمانية عشر في المئة (من دون احتساب الزيادة المقطوعة للعام 2008). وأوضح غريب لـ«السفير» أن الخلاف مع رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن يتمثل في أنه استفرد بالقرار، بعدما كان الاتفاق على زيادة بنسب مئوية على الشطور تبدأ بستين ثم أربعين فعشرين في المئة، إلا أن غصن انتظر حتى منتصف الليل ليوافق على قرار الحكومة من دون العودة الى هيئة التنسيق».
وأشار الى أنه سبق للهيئة ان طلبت من رئيس الحكومة إشراكها في لجنة المؤشر أكثر من مرة، لكنه لم يفعل.
هذه الأجواء لم تكن قد تظهرت بشكل واضح صباح الأمس، فبعد دخول التلامذة مدارسهم، فوجئ العدد الأكبر منهم بغياب لافت لمعلميهم، لا سيما ان مسؤولي المدارس الكبرى مثل المدارس الكاثوليكية (تضم 365 مدرسة) تركوا الحرية لإداراتها في الالتزام بالإضراب او تعليقه، تبعا للحضور، فيما ترك للهيئة التعليمية خيار الالتزام بقرار نقيبهم نعمة محفوض الاستمرار في الإضراب من عدمه، كما أكد لـ«السفير» الأمين العام المدارس الكاثوليكية الأب مروان ثابت. ووصف الأب تابت الزيادة الجديدة بأنها ستشكل عبئا كبيرا على المدارس الخاصة، التي ما زالت تعاني من مفاعيل المرسوم 102 (زيادة ثلاث درجات لحملة الشهادات)، والدرجات الأربع والنصف درجة للثانوي، وأيضا للدرجات الأربع ونصف الدرجة المتوقعة لمعلمي مرحلة التعليم الأساسي. وقد تفاوت الالتزام بالإضراب بين منطقة ومنطقة، ففي حين التزم معظم المدارس الرسمية والمدارس والمعاهد المهنية الرسمية بالإضراب، فتحت مدارس أخرى أبوابها أمام التلامذة، ثم ما لبثوا أن عادوا الى منازلهم بعدما امتنع الأساتذة عن التدريس برغم حضورهم. وفي قضاء زحلة أقفلت الجامعات الخاصة أبوابها مع عدد من المدارس الخاصة. وكان حنا غريب قد زار صباح أمس مقر رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني والتقى رئيسها فاروق الحركة، الذي أكد الاستمرار في الإضراب، وأعلن رفضه لما صدر عن مجلس الوزراء.

اجتماع الهيئة

وعقدت هيئة التنسيق النقابية اجتماعا طارئا بعد ظهر أمس في مقر رابطة اساتذة التعليم الثانوي - الاونيسكو، بحضور جميع مكونات الهيئة «انطلاقا من وحدة الموقف النقابي، ودفاعا عن حقوق الاساتذة والمعلمين والموظفين بتصحيح الاجور بما يوازي نسبة التضخم وفق الشطور على اساس النسب المئوية ورفض المبلغ المقطوع، واستنكارا لمماطلة الحكومة ورفضا للمقترحات والأرقام المذلة».
وخلص المجتمعون الى الرفض القاطع لقرار مجلس الوزراء تصحيح الرواتب والأجور لأنه «قرار مذل وتخريبي في آن، وباعتباره يجمّد الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد وتعويض الصرف من الخدمة عند حدود معيّنة، استكمالاً لسياسة تجميد التقديمات الاجتماعية (بدل النقل والتعويض العائلي) وقيمة الدرجة، إضافة إلى ما سيؤدي من فرز حاد بين الموظفين ومن ضرب للمعايير والتراتبية الوظيفية والأقدمية».
وطالبوا الحكومة «بالعودة عن قرارها واعتماد أسس واقعية وموضوعية وعلمية بمعالجة هذا الملف استناداً إلى ثوابت أسياسية: نسبة التضخم تجاوزت المئة في المئة، واعتماد النسب المئوية على الشطور في تصحيح الرواتب والأجور».
ورفضوا تهميش هيئة التنسيق النقابية في عملية التفاوض في تصحيح الأجور وحملوا الحكومة المسؤولية المباشرة عن اضطرار المعلمين والموظفين إلى مواجهة هذه السياسة التي تعتمدها الحكومة بصفتها اكبر رب عمل. ولفتوا الى ان هيئة التنسيق النقابية تمثّل اكبر شريحة متضررة من غلاء المعيشة وتدنّي القدرة الشرائية لرواتب عشرات الألوف من موظفي الدولة والمعلمين في القطاعين الرسمي والخاص، فضلاً عن المتقاعدين والمتعاقدين.
كما رفض المجتمعون رفضا قاطعا أي ضرائب جديدة مهما كان مبررها وفي مقدمها زيادة الضريبة على القيمة المضافة والمحروقات وغيرها من الضرائب، واستبدالها بالضرائب على الريوع والفوائد المصرفية والأملاك البحرية ووقف الهدر.
ورفضاً للزيادة «المهينة والمذلّة والتخريبية»، دعت هيئة التنسيق النقابية هيئاتها إلى الانعقاد لمناقشة التوصية بتنفيذ الإضراب العام الشامل في جميع المدارس والثانويات الرسمية والخاصة والمهنيات ودور المعلمين والمعلمات والجامعة اللبنانية والإدارات والمؤسسات العامة يوم الأربعاء المقبل في 19/10/2011. وتنفيذ اعتصام مركزي عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الأربعاء المقبل أمام السرايا الحكومية، على أن يتم اقتراح خطوات تصعيدية أخرى كفيلة بتحقيق تصحيح الأجور وتحقيق المطالب وحماية التقديمات الاجتماعية، والتحضير للمؤتمر النقابي الوطني كمحطة نضالية أساسية لتصحيح الأجور وإقرار حق التنظيم النقابي.
وأقرّ المجتمعون بالقيام بسلسلة اتصالات مكثفة مع الوزراء والكتل النيابية والفعاليات والهيــئات لـشرح مخاطر القرار.
ووجهوا التحية والتقدير للمعلمين والأساتذة في القطاعين الرسمي والخاص على موقفهم النضالي أمس، وتنفيذ الإضراب العام الذي دعت إليه هيئة التنسيق النقابية، «مع الاعتذار عن الإرباك الذي حصل».