منتديات ليب مون

ما زال الوطن العربي يواجه كمّاً هائلاً من التحديات المتعلقة برعاية الطفولة المبكرة، وبأساليب النهوض فيها، وبأهمية تلك المرحلة العمرية في بناء مجتمع متوازن قادر على التطور وتحقيق التنمية المستدامة.
وكانت تلك التحديات محور اجتماع عُقد في مكتب «الأونيسكو» الإقليمي في بيروت أمس، على أن تختتم نقاشاته اليوم. وقد أجمع الخبراء على أن أبرز التحديات التي تواجه النهوض برعاية الطفولة المبكرة في الوطن العربي، هي «غياب معايير موحدة لجودة الخدمات المقدمة للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة على المستوى الإقليمي والوطني، والقصور في إشراك أسر الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة في برامج التوجيه والإرشاد ومجالات رعاية وتربية الطفولة المبكرة، بالإضافة إلى تباين التعريفات بين الدول العربية حول المرحلة العمرية للطفولة المبكرة، وعدم كفاية البيانات والإحصائيات المتعلقة بالمرحلة المذكورة».
وضمّ الاجتماع خبراء من مختلف الدول العربية والمنظمات والجهات الحكومية وغير الحكومية الفاعلة في الموضوع، وقد شارك عدد منهم في مؤتمرات عقدت في دمشق، ومراكش، وموسكو، لمعالجة الملف ذاته.
وعرض الدكتور حجازي إدريس لإعلان دمشق الصادر عن «المؤتمر العربي الإقليمي الأول حول رعاية وتربية الطفولة المبكرة»، الذي عقد في دمشق في شهر أيلول الفائت، مذكّرا بأن الإعلان أكد على «اعتماد مفهوم شمولي يربط مسارات تطور الطفل الجسمية والعاطفية والمعرفية والاجتماعية، بالرعاية والتربية المطلوبتين لدعم نموّه الوطني والإنساني، ووضع رعاية الطفولة المبكرة في صلب أولويات مقاربات التنمية، ورفع منزلة الطفولة المبكرة وتجلياتها في الاستراتجيات الوطنية، ورفع درجات المخصصات في الموارد البشرية والمادية المعتمدة حالياً».
كما ذكّر بأن مؤتمر موسكو الدولي، أكد على «التعاون مع الدول الأعضاء من أجل وضع برامج شاملة ومتكاملة مع إيلاء إهتمام خاص لفئة الأعمار من صفر إلى ثلاث سنوات، عبر تطوير آلية للتتبع، ونشر الممارسات الجيدة، وتشجيع الاستثمار في مجال الطفولة المبكرة، ودعم مسعى إنشاء الشبكات الوطنية والإقليمية والدولية».
بدورها، قدّمت الباحثة ميسون شهاب «الأركان الأربعة لمرحلة الطفولة المبكرة»، مقسمة إياها إلى: الركن الأول «البدء من الصفر» (من صفر سنة إلى ثلاث سنوات)، والركن الثاني «التهيؤ للنجاح» (من ثلاث إلى ست سنوات)، والركن الثالث «تحسين نوعية المدرسة الابتدائية» (من ست سنوات إلى ثماني سنوات)، وأخيراً، الركن الرابع الذي يغطّي المراحل الثالثة السابقة تحت عنوان «إدراج الطفولة المبكرة في السياسات».
وركّزت شهاب في الركن الأول على «الانطلاق من إدراج التحفيز المبكر وتنمية الطفل، والمعلومات المتعلّقة بالوالدية في خدمات ما قبل الولادة، وخدمات التغذية، وخدمات التربية». أما في الركن الثاني فـ«يجب التوسع في خدمات التربية والصحة والتغذية والرعاية/ الحماية الاجتماعية من أجل توفير دعم نوعي في مراحل الطفولة المبكرة، خصوصاً للأطفال الأكثر تهميشاً ولعائلاتهم». وأشارت شهاب إلى أنه في الركن الثالث «يتمثل دور الدول في تحسين المدارس، عبر وزارة التربية التي يتوجب عليها إجراء دراسة وطنية عن الأهل وعن الأطفال بين عمرَي ستّ سنوات وثماني سنوات، وعن خبراتهم في الاستعداد للالتحاق بالمدرسة الابتدائية ودخولها.. وتنطلق منها إلى إعداد خطّة انتقالية على الأطفال والعائلات والمدارس». وأضافت إلى ذلك «إعداد خطة لضمان النوعية في المدارس الابتدائية، مع التركيز على الصفوف الثلاثة الأولى.. كذلك، يجب إعداد مقياس قياس النوعية لتقيس نوعية المدارس الابتدائية المبكرة».
بدوره، عرض مسؤول الإعلام في مكتب الأونيسكو الإقليمي فراس الخطيب، لدليل المعلومات عن رعاية وتربية الطفولة المبكرة، مشيراً إلى أن «الدليل يعتمد بالأساس على محتويات دليل المعلومات الصادر سنة 2010 وهو مبني على منشورات برنامج القادة الدوليين للطفولة المبكرة، ويركز على نشر المواد التثقيفية حول دور الأبوين المتساوي في الرعاية، والجمع ما بين الحب والحنان والرعاية والتعليم لتحقيق الانجازات، ومنع الضرب والتعنيف والتوبيخ لتأثيره على تغير هندسة الدماغ إلى الأبد». وشدد على ضرورة نشر الدليل المذكور والترويج له.
أما الدكتور علاء سبيع، فقدّم لـ«المشروع العربي للنهوض بالطفولة المبكرة في الوطن العربي»، الذي أقرّ خلال مؤتمر مراكش في العام 2010، و«سينفذ خلال الخمس سنوات المقبلة، بهدف التطبيق الأمثل لمحاور الخطة العربية الثانية للطفولة».
ورأى سبيع أن أهمية المشروع تتمثل في «تقديم آلية خدمات تعليمية وتربوية ورعائية متكاملة، ذات أبعاد شمولية للشريحة الكبيرة من الأطفال العرب، في الفئة العمرية الممتدة من عمر صفر إلى ثماني سنوات، والتي تعادل نسبة تفوق 65 في المئة من الأطفال من العمر المذكور لم تشملهم تلك الخدمات». كما شرح سبيع أن المشروع يهدف إلى «وضع إطار عام استرشادي للسياسات والتشريعات والخطط وبرامج الطفولة المبكرة، يمكّن الدول العربية من تعديل التشريعات القائمة وسنّ تشريعات جديدة، ووضع السياسات والخطط على المستوى الوطني وتشكيل مجموعة عمل عربية تعمل على تطوير الخطط والبرامج لرعاية الطفولة المبكرة».