منتديات ليب مون

شو بيعرّفني، إسألي المدام؟»، «هو دواء بيساعدنا تنشفى»، «باخد حبّة كلّ يوم»، «منيح لحالات معينة، كوجع الرأس»، ... تلك كانت عيّنة من الأجوبة حول مدى معرفة الأفراد بأهميّة المضادات الحيويّة في لبنان. ربّما يعرفون القليل أو الكثير، يتناولونها بوصفة طبيّة، أو، في بعض الأحيان، تبعاً لنصيحة تلّقوها من جارة أو صديق، وبعضهم يتقيّد بفترة العلاج، والبعض الآخر يكتفي بجرعتين من دون أن يدرك أنّ سوء استخدام المضادات الحيوية والإفراط في تناولها يشكّلان اليوم سببا رئيسيا في مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة.
وتؤكّد الرئيسة المنتخبة للجمعية اللبنانيّة للأمراض الجرثومية الدكتورة ريما مغنية، خلال اللقاء الصحافي حول مقاومة المضادات الحيوية الذي نظمته الجمعية بالتعاون مع مختبرات «سانوفي أفنتيس»، أنّ «سوء استخدام المضادات الحيوية، والإفراط بتناولها من دون وصفة طبيّة، وعدم الالتزام بالمقرّر العلاجي، يزيد من قدرة الجراثيم على مقاومة الأدوية، ما يشكّل تحديّا صحيّا عالميّا يهدّد نجاعة الكثير من الأدوية المستخدمة في علاج الامراض الجرثوميّة المعدية».
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أصدرت خلال العام الجاري، وبمناسبة اليوم العالمي للصحّة، نداء من أجل العمل على وقف انتشار مقاومة الجراثيم لمضادات الميكروبات ومن أجل تكثيف الالتزام العالمي بحفظ نجاعة المضادات الحيوية لأجيال المستقبل وتجنب العودة إلى عهد ما قبل المضادات الحيوية.
تذكر مغنية، على سبيل المثال، أنّ صحيفة أميركية نشرت في العام 1942، خبرا مفاده أنّ المضاد الحيوي الأوّل «البنسلين» الذي اكتشفه الباحث إلكسندر فليمنع في العام 1928، تمكّن من إنقاذ حياة امرأة مصابة بمرض جرثومي. بينما نشرت الصحيفة عينها في العام 2008، أنّ التقدّم الطبّي الهائل الذي شهدته السنوات الأخيرة لم يضمن الشفاء لشخص يعاني مرضا جرثوميا بسبب مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة.
ويشرح رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية الدكتور جاك مخباط أن «مقاومة الجراثيم للأدوية تشكل اليوم تحديّا صحيا جماعيا، لا يقتصرفقط على بعض الأفراد بل تعيق تلك الظاهرة مكافحة الامراض المعدية، وتطيل من فترة علاج المرضى ومكوثهم في المستشفى، وتزيد من تكاليف الرعاية الصحية وتهدّد الأمن الصحيّ».
وتلفت مغنية إلى أنّ «مواجهة مقاومة الجراثيم للأدوية لا تكمن في إنتاج أدوية جديدة». إذ تشير الإحصاءات الصادرة عن الشركات المنتجة للمضادات الحيوية في العالم إلى انخفاض في فبركة الأدوية المقاومة للجراثيم، حيث تمّ تصنيع خمسة أنواع جديدة من المضادات الحيوية بين العامين 2003 و2007 مقارنة بستة عشر نوعا جديدا في الفترة الممتدة بين العامين 1983 و1987. ويعود ذلك، بحسب مغنية، إلى «عدم اهتمام شركات الأدوية الكبرى ومراكز الأبحاث العلميّة بمجال المضادات الحيوية، وتوجههم إلى الأدوية الاكثر ربحا».
من هنا، تجد مغنية ضرورة في الحفاظ على نجاعة الأدوية المستخدمة حاليا من خلال ترشيد استعمال المضادات الحيوية، وتوعية الأفراد على عدم الإفراط في تناولها أو سوء استخدامها من دون وصفة طبيّة، كما يجب العمل على تقصّي المعلومات حول أنواع الجراثيم المقاومة في لبنان ونسب انتشارها لإيجاد السبل الصحيّة المناسبة للحدّ من مخاطرها.
وفي الإطار ذاته، يعلن نقيب صيادلة لبنان الدكتور زياد نصور أنّ النقابة ملتزمة بمواجهة مشكلة مقاومة الجراثيم للأدوية، حيث يقوم الصيدلي بإرشاد المريض للتقيّد التام بمدة العلاج وبالجرعات الموصوفة من قبل الطبيب، وعدم تفويت الجرعات أو الاحتفاظ بالدواء غير المستعمل وتناوله بناء على نصيحة جار أو رغبة شخصية.
ويوضّح نصور أنّ «الدواء ليس سلعة تجارية ترويجية، بل مادة علاجية تمسّ صحة المريض، فالصيدلي يؤدي دور ترشيد استعمال الدواء بعيدا عن ثقافة الترويج، البيع والشراء، وزيادة الاستهلاك والمضاربات غير المشروعة».
لكنّ، في المقابل، يجد نصور أن استخدام الأفراد للمضادات الحيوية يبقى محدودا مقارنة بالاستعمال العشوائي لتلك الادوية في مجال صناعة الأعلاف وتربية الماشية والخنازير والأسماك الذي يزيد من مقاومة الجراثيم وانتقالها من الحيوان إلى الإنسان. لذا، يطالب نصور بوجوب فصل مهنة الطب البيطري والهندسة الزراعية عن الصيدلة، فيقوم الطبيب البيطري أو المهندس الزراعي بتشخيص المرض ويتولّى الصيدلي مسؤولية صرف الدواء.
ويجب، بحسب نصور، وضع حدّ للبيع العشوائي للأدوية في المستوصفات، خاصة في ما يتعلّق بالمضادات الحيوية، وإعادة إصدار لائحة الأدوية Repertoire التي صدرت في العام 1999، ولم يعد إصدارها حتى الآن، لتحديد الأدوية التي تعطى بوصفة طبية وتلك التي تعطى بترشيد صيدلي