منتديات ليب مون

ضرب أقوى زلزال في تاريخ اليابان السواحل الشمالية الشرقية للبلاد ما تسبب بتسونامي هائل مع أمواج وصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار جرفت منازل وسفناً. وأعلنت السلطات في حصيلة اولية عن عشرات القتلى والجرحى والمفقودين بعد الزلزال الذي بلغت قوته 8,9 درجات والذي قالت الهيئات الاميركية واليابانية لرصد الزلازل انه الخامس من حيث القوة في العالم منذ العام 1900 والسابع في التاريخ. ووقع الزلزال بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، على عمق 24,4 كيلومترا، وعلى بُعد 100 كيلومتر من سواحل منطقة مياغي اليابانية، فيما غطت موجة تسونامي مدينة سنداي ومناطق اخرى من المنطقة الساحلية المطلة على المحيط الهادئ.
وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر ان ارتفاع أمواج المدّ التي نجمت عن الزلزال العنيف تجاوز ارتفاع بعض الجزر في المحيط الهادئ، فيما صدرت تحذيرات من حدوث موجات مد لحوض المحيط.
وارتفعت حصيلة الزلزال وموجات تسونامي الى ألف قتيل ومئات المفقودين والجرحى، بحسب الارقام التي قدمتها الشرطة بعد ثماني ساعات على وقوع الزلزال وما اوردته وكالة الانباء المحلية «كيودو». وعُثر اضافة الى الاشخاص الثمانية والثمانين الذين تم تأكيد وفاتهم، على ما بين 200 و300 جثة على شاطئ سنداي في مياغي، يعتقد انها لسكان داهمتهم الموجة. كما قدّرت السلطات عدد المنازل المتضررة بـ 1200 منزل.
وفقد قطار ركاب تملكه شركة «ايست جابان ريلواي» على متنه عدد غير محدد من المواطنين، خلال سيره قرب محطة «نوبيرو» على خط سينسيكي الرابط بين مدينتي سنداي وايشينوماكي حين انقضت عليه موجة تسونامي.
وأظهرت لقطات تلفزيونية بثها التلفزيون الرسمي التقطت بواسطة طائرة عسكرية اشتعال النيران في منازل ومبان على مساحة واسعة من الأرض في مدينة كيسينوما التي يقطنها 74 الف شخص، التابعة لمقاطعة مياغي.
وفيما انقطعت الكهرباء عن ملايين المنازل في البلاد واُغلقت جميع الموانئ اليابانية وتوقفت عمليات تفريغها، افادت وكالة «كيودو» عن انهيار سد في مقاطعة فوكوشيما الشمالية الشرقية، وجرفت مياهه العديد من المنازل.
وعند مرفأ هاكوداتي الذي ضربته امواج بعلو مترين، قالت الطالبة الجامعية ساياكا اوميزاوا، بينما كانت تجلس في مرفأ هاكوداتي «كان اقوى زلزال أشهده. ظننت انني سأموت». واطلقت انذارات بوقوع مد بحري في مختلف انحاء المحيط الهادئ، فيما جرفت المياه سفينة يابانية على متنها مئة شخص ودمرت اكثر من 300 منزل في مدينة اوفوناتو، بحسب التقارير.
وفي سنداي، اظهرت صور التلفزيون الرسمي مدا من الوحل يتحرك بسرعة فائقة ويجرف منطقة سكنية بالقرب من نهر ناتوري. وقال المسؤول المحلي في مرفأ ايشينوماكي في منطقة مياغي حيث تقع سنداي، كين هوشي «لم أرَ شيئا مماثلا في حياتي». وبلغ المد البحري مطار سنداي فغمر المدرج بينما تحولت اجزاء من الارضية الى سائل بسبب قوة الاهتزاز.
وفي كوريهارا في مياغي، قالت مسؤولة في البلدية «لقد كان الاهتزاز عنيفا الى حد اننا كنا بحاجة للتمسك بأي شيء لنتفادى السقوط». واضافت في اتصال هاتفي «لم نتمكن من مغادرة المبنى على الفور لان الاهتزازات لم تتوقف... مسؤولو المدينة في الخارج يجمعون المعلومات حول الاضرار».
وغمر نهر من الوحول المباني، فيما اندلعت النيران في منازل، في مشاهد للكارثة التقطتها مروحيات تابعة لمحطات التلفزة اليابانية في مقاطعة مياغي.
وانهار جدار مائي هائل يصل ارتفاعه إلى عشرة أمتار على سواحل المحيط الهادئ لجزيرة هونشو فجرف منازل بكاملها وحوّل المرافئ إلى مناطق منكوبة. ففي أماكن عديدة اجتاح البحر الخنادق الوقائية وتقدم أحياناً كيلومترات إلى داخل الأراضي، ما ذكّر ببعض مشاهد تسونامي المحيط الهندي عام 2004. وقال كين هوشي المسؤول في سلطات مرفأ إيشينوماكي في مقاطعة مياغي «لم أر شيئاً من هذا القبيل قط»، موضحاً أن «المياه ارتفعت إلى المحطة» على بعد مئات الأمتار من الشاطئ.
ونحو طوكيو في محافظة إيباراكي طاف عدد من المنازل الكبرى والسيارات عبر قرية. وأدى الزلزال إلى تصدعات في الشوارع ودمر مجاري الصرف الصحي والأنابيب، فيما سقطت الزجاجات وعلب المأكولات من رفوف المتاجر الكبرى.
وفي العاصمة طوكيو، شعر السكان بالزلزال بقوة، رغم انها تبعد 400 كيلومتر على الاقل عن مركزه، فيما وقعت هزات ارضية ارتدادية قوية وصلت الى 40 هزة بعضها بقوة 7,1 درجات. واهتزت ناطحات السحاب في العاصمة، والمبنية وفق معايير مقاومة للزلازل، طويلا بعد الزلزال الذي استمر قرابة 3 دقائق. وانهار سقف مبنى في وسط طوكيو حيث كان 600 طالب يشاركون في مراسم تخرّج مما ادى الى سقوط العديد من الجرحى بحسب رجال الاطفاء ووسائل الاعلام. وداخل المكاتب والمنازل، سقطت اغراض من على الرفوف واوقفت المصاعد تلقائيا في الوقت الذي هرع فيه ملايين الاشخاص الى الشوارع. واوقفت قنوات التلفزيون البث لنقل مشاهد حية للمباني وهي تتمايل في طوكيو، فيما اشارت ايضا الى اندلاع ست حرائق في العاصمة وسقوط العديد من الجرحى.
وتوقفت الملاحة الجوية لبعض الوقت في مطار ناريتا على مشارف طوكيو حيث تقرر اخلاء المباني، الا انها استؤنفت للرحلات المغادرة فقط في وقت لاحق.
وروت هوريكان ساكي الموظفة في حي غينزا والتي نزلت مع زملائها بعد دقائق على وقوع الزلزال «كنت في المكتب في الطابق العاشر من المبنى. بدأت الجدران بالاهتزاز ثم الاثاث. لم اشهد مثل هذا لقد شعرت بالخوف». وكان الاف السكان والموظفين في الحي لا يزالون متجمعين في الشوارع بعد اكثر من ساعة ونصف الساعة على وقوع الزلزال تخوفا من هزات ارتدادية.
وروت مراسلة صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، سيلفير بوشي لامبير، التي كانت في مترو ليداباشي في طوكيو اثناء الزلزال، ما حدث من حولها خلال دقائق ثلاث. وقالت لامبير «توجه الموجودون في المترو الى الحائط، المكان الاكثر امانا في مثل هذه الحال، بعد توقف السلالم عن العمل. امسكوا بهواتفهم الخلوية لعلهم يمسكون انفاسهم او يسمعون الموسيقى، غير أن نداءات الانذار لم تكف عن تحذيرهم لاتخاذ احتياطاتهم». واضافت لامبير «لم يكن هناك سوى عدد قليل من الموظفين الذين استطاعوا احتواء تسرب المياه، التي حولت السلالم الى فيضانات جارفة». ووصفت لامبير حالة الهلع في المباني والركض بين طوابقها استباقا لاتساع الشقوق، على وقع تكسّر النوافذ.
ونقلت صحيفة «ليبيراسيون» عن أوندين، وهي فرنسية كانت تمضي عطلتها في سايتاما شمال طوكيو قولها «استمرت ارتجاجات الارض تحت اقدامنا طيلة بعد الظهر فيما اقفل معظم التجار المحال للتأكد من سلامة المباني. وتراكم الركاب في محطات الحافلات بعدما توقفت خطوط السكك الحديدية تماما». واشارت أوندين الى غياب حالة الذعر على وجوه اليابانيين «المستعدين ماديا ومعنويا للزلازل... اما انا فشعرت بتعب مفاجئ عندما لم اعد اشعر بصلابة الارض ... لم اعد مدركة اذا ما كنت واقفة على قدمي ام لا».
في هذه الاثناء، قال وزير الدفاع الياباني توشيمي كيتازاوا ان الجيش الياباني اصبح مستعدا لارسال 300 طائرة عسكرية و40 سفينة للمشاركة في عمليات انقاذ واغاثة المنكوبين، فيما أعلن وزير الخارجية الياباني تاكياكي ماتسوموتو أن بلاده طلبت من الولايات المتحدة تقديم القوات الأميركية المتمركزة في اليابان المساعدة في جهود عمليات الطوارئ لمواجهة أثار الزلزال. وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما اكد استعداد بلاده لمساعدة اليابان. وقال ان «الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة الشعب الياباني في ازمته» مشددا على عمق «الصداقة والتحالف» بين البلدين.
من جهتها، تعهدت دول الاتحاد الاوروبي بتقديم «كل المساعدة اللازمة» الى اليابان، وذلك في بيان صدر عن القمة المنعقدة في بروكسل. كما اعلن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف استعداد بلاده لمساعدة اليابان في الوقت الذي وصلت فيه امواج التسونامي الى جزر الكوريل المتنازع عليها بين البلدين. وصرح مدفيديف خلال اجتماع للحكومة «نحن مستعدون لمساعدة جيراننا على مواجهة تبعات هذا الزلزال العنيف».
في الوقت نفسه، أمر الرئيس التايواني ما ينج جو حكومته بسرعة تشكيل مركز طوارئ على مستوى وزاري استعدادا لحدوث تسونامي. وأفادت هيئة الأرصاد الجوية بأن أمواج تسونامي ستضرب المناطق الساحلية شرق وشمال غرب وشمال تايوان، فيما امرت السلطات بإجلاء السكان المقيمين بالقرب من هذه المناطق.
كذلك، اجلت السلطات في كاليفورنيا مئات الاشخاص بعد تحذير من حدوث تسونامي، فيما نصحت إدارة الطوارئ في ولاية اوريغون الأميركية سكان المناطق الساحلية بمغادرتها قبل الساعة السابعة صباحا. وقالت المتحدثة باسم مكتب الإدارة إنه لا يجري إجبار سكان على المغادرة، «لكن المدارس ستغلق على طول الساحل والحرس الوطني في حالة تأهب».
وفيما اصدرت جميع دول اميركا اللاتينية على ساحل المحيط الهادئ انذارا باحتمال وقوع تسونامي، جرى اجلاء الاف الاشخاص من منازلهم على طول الساحل الشرقي للفلبين وسط موجات مد بحري طفيفة حدثت جراء زلزال اليابان. وقال معهد الفلبين لعلوم البراكين والزلازل ان «موجة المد البحري الاولي بارتفاع 60 سنتيمترا ضربت الساحل الشرقي لاقليم كاجايان» شمال البلاد. وقال المعهد انه رصد اربع موجات تسونامي في غضون ساعة منذ حدوث الموجة الاولى، رافعا درجة التحذير من احتمال حدوث تسونامي في 19 إقليما على طول الساحل الشرقي للفلبين.
وفي اندونيسيا، قال مسؤول انه تم تسجيل موجة مد بحري في جزيرة هالماهيرا بعد غروب شمس، واخرى بارتفاع 40 سنتيمترا في جزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة. وفر عدة الاف من السكان في شرق اندونيسيا من منازلهم الى الارض المرتفعة على وقع تحذيرات المسؤولين