منتديات ليب مون

حاول النظام المصري، أمس، إجهاض الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس حسني مبارك بالأدوات السياسية، بعدما فشل في اغتيالها ميدانياً عبر أعمال البلطجة. وبذلك، تقاسم كل من نائب الرئيس عمر سليمان ورئيس الوزراء أحمد شفيق الحديث عن استعداد النظام المصري للحوار، ولكن من دون الاستجابة للمطلب الجماهيري برحيل مبارك، وهو ما رفضته المعارضة التي شددت على أن لا حوار قبل تنحي الرئيس.
وفي اطار حملة التخفيف من التوتر، أو «الترقيع» كما تسميها المعارضة، أعلن عمر سليمان، في بيان نقلته وكالة «أنباء الشرق الأوسط»، أن مبارك لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، لا هو ولا نجله جمال مبارك، مشيراً إلى أنه «سيتم إطلاق المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الأخيرة ما عدا المتهمين بأمور جنائية».
في المقابل، رفض سليمان، في مقابلة مع التلفزيون المصري، مطالبة الشباب المحتجين في ميدان التحرير برحيل مبارك، معتبراً أنها «نداء للفوضى».
وأضاف أنه يتعين الانتهاء من الحوار السياسي مع قوى المعارضة في غضون خمسة أيام على الأكثر للخروج بالبلاد من أزمتها الراهنة، مشيراً إلى أنه التقى بكافة الأحزاب، عدا حزبي «الوفد» و«التجمع». كما لفت إلى أنه تم توجيه الدعوة لجماعة «الإخوان المسلمين» للمشاركة في الحوار السياسي بشأن الإصلاحات في البلاد ، لكنهم «مترددون»، نافيا أن يكونوا قد رفضوا المشاركة في الحوار.
ورأى سليمان أن حل مجلسي الشعب والشورى سيطيل أمد التعديلات الدستورية، وإن إجراء انتخابات برلمانية جديدة سيمثل عبئا كبيرا على الشرطة التي تراجعت قدراتها في ظل الأحداث الأخيرة.
وأشار إلى أن الرئيس حسني مبارك قرر وفقاً لذلك تعليق جلسات مجلس الشعب إلى أن تنتهي الطعون المقدمة ضد معظم الدوائر الانتخابية. واقترح البدء في تعديل المادة 76 و 77 من الدستور لإتاحة انتخاب الرئيس في وقت سريع، لكنه ألمح إلى إمكانية تعديل المادة 88، الخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات بالبلاد، على أن يتم النظر بعد ذلك في تعديل الدستور كله أو وضع دستور جديد بعد أن يتولى الرئيس المقبل سدة الحكم.
واعتبر سليمان أن المواجهات التي جرت في ميدان التحرير تقف وراءها «مؤامرة». وقال «نريد أن نعرف من دفعهم إلى هذا المكان، وسنعرف من دفعهم إلى ميدان التحرير»، مضيفا «نرى أنها كانت مؤامرة ولا بد أن نعرف من وراءهم وان نحاسبهم».
بدوره، سعى شفيق إلى امتصاص غضب المعارضة، حيث خرج في مؤتمر صحافي ليحمل المجموعة التي كانت تحمل صور مبارك، وهاجمت المتظاهرين في ميدان التحرير مسؤولية أعمال «الشغب». وقال «أنا نفسي غير قادر على التخيل بأي وسيلة وصلت هذه المجموعة، كيف دخلت، وهل تألفت من فرادى أو مجموعات، وهل رتب لها أم لم يرتب لها؟، هل كان عملها منظما أم تلقائيا؟»، مشدداً على أنه «أيا كان المسؤول عن الذي حدث فسيلقى محاكمة علنية».
وأضاف شفيق أن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي «سيحقق معه، وإذا تبين انه مخطئ سوف يحاسب»، في إشارة إلى غياب الشرطة كليا وانفلات الوضع الأمني.
في المقابل، رأى شفيق أن بقاء المتظاهرين في ميدان التحرير «لن يجلب لهم جديدا»، في إشارة إلى مطلب تنحي مبارك، معتبراً «التنحي لا يفرق عن الخروج بعد ستة أشهر ما لم يكن الهدف الإذلال والإهانة». وأضاف «يجب أن نتعلم الأصول، ولنذكر أنه عندما قامت ثورة يوليو وطردت الملك فاروق من مصر أقيمت له عند خروجه باليخت الذي اقله كافة الاجراءات والمراسم وأطلق له السلام الملكي».
ورفض شفيق تدخل الدول الخارجية في الشؤون المصرية، قائلاً «في الخارج لا يفعلون ذلك فلماذا يطلبونه منا؟». وأضاف «هناك الكرامة. للخارج أن يعبر عن رأيه لكنهم عندما يطالبون بتنحي مبارك الآن فهذا غير مقبول».
المعارضة
لكن المحتجين والمعارضين بدوا أكثر تمسكاً بمطلب رحيل مبارك ومحاكمته قبل إجراء أي حوار مع النظام، حيث عدلوا هتافاتهم من «الشعب يريد إسقاط النظام» إلى «الشعب يريد إعدام السفاح».
وقال عمرو صلاح، احد ممثلي الحركات الشبابية التي أطلقت الانتفاضة المصرية، إن شباب مصر «لن يقبلوا أي حوار مع النظام الا بعد تحقيق مطلبنا الرئيسي وهو تنحي الرئيس حسني مبارك»، وهو ما أكده القيادي في «الجمعية الوطنية للتغيير» أحمد أبو الغار الذي قال إن «لا تفاوض مع النظام قبل تنحي مبارك» .
وقال المعارض البارز محمد البرادعي «لقد رفضنا اللقاء» مع الحكومة، مشدداً على أنّ «أي مفاوضات مشروطة بتنحي حسني مبارك، وأيضا مشروطة بالأمن في ميدان التحرير».
كذلك، شدد العضو السابق في البرلمان المصري محمد البلتاجي، الذي ينتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، على أن الجماعة تؤيد الشروط التي طرحها البرادعي.
بدوره، أعلن حزب «الوفد» أنه علق محادثاته مع الحكومة بسبب العنف الدائر في ميدان التحرير، مشيراً إلى ان أعضاء الحزب، ومن بينهم رئيسه السيد البدوي سيتجهون إلى ميدان التحرير للانضمام للمحتجين.
النائب العام
في هذا الوقت، قرر النائب العام المصري عبد المجيد محمود منع أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني الحاكم احمد عز، وعدد من المسؤولين من السفر وتجميد حساباتهم المصرفية.
وقال النائب العام، في بيان، إن الممنوعين من السفر يخضعون للتحقيق للاشتباه في قيامهم بسرقة المال العام والاحتيال واتهامات أخرى، وهم بالإضافة إلى عز، وزير الداخلية السابق حبيب العادلي، ووزير السياحة السابق محمد زهير جرانة، ووزير الإسكان احمد المغربي.
وأضاف البيان أن مسؤولين آخرين يخضعون أيضا لقرار منع السفر الذي سيستمر «إلى حين عودة الاستقرار الأمني وقيام سلطات التحقيق والسلطات الرقابية بإجراءات التحري والتحقيق لتحديد المسؤوليات الجنائية والإدارية في كافة تلك الوقائع».