حوادث السير «كارثة وطنية» فمتى تصبح أولوية سياسية؟ - منتديات ليب مون - موقع لبناني صور وأخبار لبنان
Loading...
اختر لونك المفضل


قديم 10-25-2010, 12:16 PM   #1
الـمشرفة الـعامة
 
الصورة الرمزية Honey Girl
تاريخ التسجيل: Sep 2008
الدولة: حالياً.. هووون
المشاركات: 77,303
افتراضي حوادث السير «كارثة وطنية» فمتى تصبح أولوية سياسية؟

القتلى ليسوا أرقاماً والحل لا يكون بإحصائهم فقط
حوادث السير «كارثة وطنية» فمتى تصبح أولوية سياسية؟


حادث على طريق المطار في 20 نيسان الماضي


لماذا تصّر الجهات الرسميّة في لبنان على التنصل الدائم والمستمر من مسؤولياتها، على الصعد كافّة؟ ولمن يلجأ المواطنون في تلك الحالة؟
فإزاء «الكارثة الوطنيّة» المتفاقمة والمتمثلة نزفاً لأبناء البلاد يومياً على الطرقات، تقفز السلطات من فوق مسؤولية المعالجة الواجبة للحدّ من عدد الضحايا، وتكاد تحصر الموضوع في إطار الإحصاءات والأرقام، والتي تستند عليها القوى الأمنية لتؤكد أن أزمة حوادث السير، بناء على أرقام ضحاياها، تسير نحو الانخفاض. أرقام. مجرد أرقام؟
نشرت «السفير» أمس الأول، موضوعاً عن «الموت على الطرقات: اللبنانيون يجمعون أشلاء أبنائهم»، عرضت فيه حصيلة حوادث السير في أيلول الفائت، وفقاً لأرقام قوى الأمن الداخلي الرسمية، والتي سجلت مصرع حوالى خمسين شخصاً جرّاء 247 حادث سير، بالإضافة إلى إصابة 372 شخصاً، فبدا لافتاً أن تصدر قوى «الأمن الداخلي»، في اليوم نفسه، جدولاً بأعداد قتلى حوادث السير من العام 2007 إلى أيلول الفائت، كأنما الهدف هو فقط أن تبيّن أن عدد ضحايا حوادث السير ينخفض. كأنما هي تقول: لا أزمة. ثمة أرقام. مجرد أرقام؟
كأنما تعداد الضحايا، ورصد الظاهرة يمكن أن يكونا مؤشراً كافياً، وحده، يدلّ على حقيقة ما يجري. كأنما أسباب الحوادث، وتفاصيلها، وضحاياها، ومواقيت وأماكن حدوثها، وتحديد الجهات المولجة بالتعامل معها، كلها تفاصيل لا تفيد في شرح ما يحدث، وفي العمل على الحدّ منه. كأنما ليس في ذلك ما يضمن تحوّل ضحايا الطرق من مجرد أرقام إلى أشخاص لهم أسماء وهويّات وحقوق وواجبات وأرواح زهقت على امتداد أرض الوطن.
وإن كانت المشكلة، وفقاً للجهات الرسمية، تكمن في تضخيم الأرقام، فثمة مشكلة أخرى تنتهجها الجهات نفسها في طريقة إحصاء ضحايا حوادث السير، إذ ينبغي رصد أحوال الجرحى لمدة ثلاثين يوماً لتقييم تطوّر حالاتهم الصحية، كما هو متعارف عليه عالمياً، ما يعني أن الأرقام الرسمية تشكل سبعين في المئة من الأرقام الحقيقية، خصوصاً لجهة أعداد القتلى.
وفي الأرقام، أن كلفة حوادث السير في لبنان تكاد تصل إلى مليار ونصف مليار دولار (بحسب البنك الدولي)، وهي كلفة تفوق بأشواط كلفة أي إجراءات تضمن السلامة العامة. وفي الأرقام أيضاً ما يشير إلى أن عدد الوفيات على الطرقات يتجاوز أي مسبب وحيد آخر مما يدفع المجتمع الأهلي إلى إعلان حال الطوارئ للتعامل مع القضية بما تستحقه من اهتمام. وفي الأرقام، أن ما يفرض من عقوبات على المخالفين لا يشكل في حجمه رادعاً لوقف النزيف اليومي. وفي الأرقام أيضاً، أن حوادث السير هي المسبب الأول لموت الشباب في لبنان.
ومن «الهوس» بالأرقام وسبل إحصائها، يتعين على الجهات الرسمية أن تقفز إلى معالجة «الأزمة» الحقيقية، والعمل على الحدّ من استفحال «مرض قتلى الطرقات»، كما تسميهم منظمة الصحة العالمية، بخطوات تحاكي تعاطي الدول عامّة مع هذه الآفة، عبر وضع استراتيجية شاملة، وطويلة الأمد، تبدأ، بحدّها الأدنى، ليس فقط من رصد الحوادث التي تشهدها طرقات لبنان، بل برصد الأسباب الرئيسة للحوادث وأعمار الضحايا، ومروراً بالتوقيت وصولاً إلى التمكّن من وضع سبل للمعالجة الحقيقية.
ومن بين مسؤوليات الدولة الفعلية، إلى إحصاء أرقام الضحايا وإعلانها، تبرز عوامل عدة أبرزها: توفر الإرادة السياسية القائمة على وعي حجم الكارثة، بما يضمن تحوّلها إلى أولوية في سياساتها، والعمل على تحسين نوعية الطرقات، والتشدد في مراقبة نوعية السيارات التي تدخل إلى البلاد، ورفع عديد القوى الأمنية المولجة بملف السير وتحسين أدائها. إلا أن الجهة الوحيدة في البلاد التي تطور أداؤها في هذا المجال هي عناصر الصليب الأحمر الدولي والدفاع المدني. وسط ذلك كلّه، لا تدلّ المؤشرات الحالية على وجود نيات فعليّة لدى الدولة لمعالجة كارثة حوادث السير، ولا على أي توجّه جدّي يصبو إلى إيجاد «العلاج» المناسب للآفة، إذ أنها تكتفي بالتركيز على التعويل على صدور قانون السير الجديد، وبتذرّع الجهات المسؤولة بأنها لا تملك «عدّة الشغل» المناسبة، في حين تبدو واضحة فداحة (عدم) تطبيق قانون السير الحالي.
وعلى سبيل المثال، تتجدد في كل فترة، فجأة، الحملات الأمنية لضبط الدراجات النارية «المخالفة»، ويعتبر سائقها مخالفاً في حال ضبط من دون خوذة، مع العلم أن القانون الحالي يعتبر الدراجة النارية مركبة سيارة، ويتوجب على سائقها التقيد بشتى القوانين، كمثل أنه لا يحق له القيادة بين السيارات. إلا أنه لا يحاسب إلا على «الخوذة»، ويكون جواب الأجهزة المعنية أن شرطي السير لا يستطيع ملاحقة سائق الدراجة. لكنه يستطيع توقيفه بسبب الخوذة؟
وبين «أزمة» إحصاء ضحايا حوادث السير بالأساليب المتعارف عليها عالمياً، والتي إن طبقت ستعود بالنفع على سبل المعالجة، وبين انتظار قانون السير الجديد، ثمة أزمة أخرى، يتعين على الدولة إقرار مواجهتها، وهي توعية المواطنين تزامناً مع تفعيل تطبيق خطتها، إن وُجدت مع «عدة الشغل»، ولو بدأت، كما تبدأ معظم الدول، بتطبيقها على نطاق صغير، مختارة حياً أو منطقة معينة كنموذج يعمّم لاحقاً على سائر المناطق، ويشكّل نواة للسياسة التي تعتزم الدولة تطبيقها مع مواطنيها. موطنوها الذين لا تريد لهم أن يبقوا مجرد أرقام، بل هم دوماً: رب عائلة، أو شاب، أو طفل، أو عجوز، أو أمّ تنتظر وصول ابنها من المدرسة...
إحصاءات قوى الأمن
تدلّ إحصاءات قوى الأمن الداخلي لشهر أيلول الفائت، على أن حوادث السيارات بين بعضها، شكّلت نسبة 71 في المئة من مجمل الحوادث، وأدّت إلى وقوع 34 قتيلاً، بينما شكّلت نسبة حوادث الدراجات النارية 23 في المئة، ونجم عنها ثمانية قتلى، فيما حظيت حوادث الشاحنات بنسبة أربعة في المئة، أدت إلى سقوط ثمانية قتلى.
وتراوحت أعمار القتلى والجرحى، بين ثمانية عشرة عاماً وخمسة وعشرين عاماً، وتبيّن أن نسبة 38 في المئة من القتلى هم السائقون، وأربعة وثلاثين في المئة كانوا مشاة، أما البقية فكانوا من الركّاب، وتبين أن نسبة الذكور شكّلت 76 في المئة من أعداد القتلى.
وتركزت حوادث السير، على صعيد أيام الأسبوع، في أيام السبت، إذ بلغ عدد الحوادث التي وقعت في أربعة أسابيع من أيام السبت 41 حادث سير، فيما سجل وقوع 29 حادثاً في أيام الآحاد، وهو الرقم الأدنى مقارنةً بجمع أيام شهر أيلول، وبدا أن هناك قاسماً مشتركاً في التوقيت، حيث وقعت معظم حوادث السير عند الثالثة بعد الظهر، والسادسة مساء.
وفي حين شهدت محافظة جبل لبنان وقوع النسبة الأكبر من الحوادث، أي حوالى 45 في المئة منها، فقد سجل سبعة في المئة من الحوادث في بيروت. أما القتلى، فقد سقط منهم نسبة 51 في المئة بسبب تصادم بين آليتين أو أكثر، فيما قُتل نسبة 31 في المئة جرّاء الصدم، وحوالى 30 في المئة بسبب التدهور والانقلاب، ونسبة ثمانية في المئة نتيجة الاصطدام بأشياء صلبة.
وعن الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى وقوع حوادث السير في الشهر الفائت، تشير أرقام قوى الأمن الداخلي المختصة، إلى أن عدم مراعاة قواعد السرعة شكّلت نسبة 26 في المئة من الأسباب الكثيرة الأخرى، في حين تسبب عدم تقيد المشاة بقواعد اجتياز الطريق ما نسبته 13 في المئة من الحوادث، فيما تفاوتت الأسباب الأخرى بين عدم مراعاة قواعد تغيير الاتجاه، والانزلاق. وكان لافتاً أن السير بالاتجاه المعاكس شكّل نسبة واحد في المئة من الحوادث فقط، بينما لم يُسجّل أي حادث سير سببه احتساء للكحول، الأمر الذي فسّره المشرفون على الإحصاءات بأن نسبة احتساء الكحول تختلف بين شهر وآخر، إذ أن النسبة ترتفع في فترات الأعياد مثلاً.
كما غابت عن اللائحة «الأمنية» أسباب كثيرة تعد شائعة بين اللبنانيين، كعدم تقيّد السائق بالإشارات الضوئية. وتعيد المصادر أن مردّ غياب هذا السبب إلى النقص في عديد عناصر السير من جهة، والى تعذّر تثبيت آلات التصوير لأسباب سياسية، وهي يمكن أن تساهم في حلّ جزء كبير من مخالفات إشارات المرور، كما أنها تعزز دور استقصاء القوى الأمنية في ملاحقة المجهولين الذي يفرّون بعد حوادث السير أو الصدم.
وتعوّل المصادر الأمنية على الرادارات التي وافق مجلس الوزراء، في جلسة الأربعاء الفائت، على شراء حوالى خمسين منها. إلا أن المصادر تعتبر أن رسوم المخالفة التي تفرض على السائق غير رادعة وهي خمسون ألف ليرة لتجاوز حدود السرعة.
وتعوّل المصادر أيضا على إصدار قانون السير الجديد، الذي يرجئ إقراره منذ خمس سنوات، ومن ثم على تطبيقه، وهو أمر «يحتاج إلى دعم من المواطنين ومواكبة كاملة».
ومن المتوقع أن تقرّ اللجان النيابية المشتركة القانون الجديد قبل بداية العام الحالي، ليصار إلى تطبيقه في منتصف العام المقبل، وهو يشمل اقتراحاً بإنشاء معهد مروري، يختص بتدريب كافة المعنيين بأمور السير، من قبل مدرّبين محليين وأجانب تتخطى اختصاصاتهم شؤون السير، لتشمل قضايا مثل علم النفس وعلاج الإدمان على المخدرات والكحول، وغيرها.
ويشير مصدر وثيق الصلة بملف قانون السير الجديد إلى أنه يقترح تشكيل مجلس وطني للسلامة المرورية، يترأسه رئيس الحكومة ويُُعنى بالتنسيق مع الوزارات المعنية كافة، كما ينص على عقوبات صارمة تجاه المخالفين، إذ ستسطّر عقوبات يمكن أن تصل إلى السجن ثلاث سنوات للسائقين الذين يتخطون حدود سرعة المئة والخمسين كيلومتراً في الساعة، بالإضافة إلى عقوبات جديدة لا يشملها القانون الحالي، كمنع سائق الحافلة أو الشاحنة من التحدث مع الركاب «منعاً باتاً».
ويطالب القانون الجديد بتغيير دفاتر السوق الحالية، واعتماد دفاتر جديدة كدفاتر الاتحاد الأوروبي، وتدوين 12 نقطة على كل دفتر، يصار إلى سحب كل نقطة وفقاً لنوع المخالفة: سحب الدفتر لمدة ستة أشهر، للسائق الذي يتخطى سرعة 150 كيلومترا، وزجّه في السجن في حال ضبط خلف مقود أي سيارة في المدّة الممنوعة. كما يسحب أربع نقاط للسائق الذي يخالف إشارات المرور، ويسجن خمس سنوات في حال تخطّى الإشارة الحمراء وتسبب بمقتل شخص.
ويفرض القانون «المنتظر» على سائقي الدراجات النارية المرخص لها بالمرور، أن تبقي إشاراتها الضوئية منارة ليلاً نهاراً، ويحظر مدّ يد أي راكب في السيارة من النافذة، بالإضافة إلى فرض عقوبة من نوع جديد، تطال المشاة الذين يجتازون الطرق السريعة أو المستديرة، فيُسطّر بحقهم محضر ضبط قيمته عشرون ألف ليرة.
الـ«يازا»: يجب إعلان حال الطوارئ!
وفي انتظار إقرار القانون الجديد، ثمة أسئلة وآراء تطرحها جمعيات غير حكومية، تعمل منذ مدة طويلة في شجون السير في لبنان، كجمعيتي الـ«يازا» و«كن هادي». وتعتبر منى عقل، رئيسة الـ« يازا»، أن «أبرز الفجوات الحالية في قانون السير الساري المفعول، والذي صدر في العام 1963، تكمن في نظام المخالفات»، مشددة على ضرورة التشدد في العقوبات، واعتماد العقوبات التصاعدية.
وتشرح عقل أنه «على سبيل المثال، فإن الحد الأقصى للسرعة القانونية على الطرق الدولية هو مئة كيلومتر في الساعة، والسائق الذي يضبط متجاوزاً هذه السرعة للمرة الأولى، ينال العقوبة نفسها التي ينالها السائق الذي يتجاوزها للمرة الخامسة، بينما يختلف الأمر عند تطبيق العقوبة التصاعدية، فتزداد الغرامة، بالإضافة إلى سحب النقاط عن السجل الخاص للسائق»، مشيرةً إلى أن «الأهم من قانون السير الجديد، هو العمل الجدّي على تطبيقه، وأن لا يكون حبراً على ورق».
وعن دور الجهات الرسمية في معالجة أزمة حوادث السير، ترى عقل بأن «التشريع هو الأقوى تأثيراً على مسألة السلامة المرورية في معظم الدول المتطوّرة، حيث يعمل المُشرِّع على إيجاد ظروف أكثر أماناً، تأتي غالباً نتيجة عوامل متعدِّدة، كالضغوط التي تمارسها منظمات السلامة والجامعات ووسائل الإعلام»، مشيرة إلى أن «الدور الآخر يكمن عند اللجنة النيابية للأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، إذ يتمثل دورها بإعداد قانون سير جديد وشامل يواكب التطوّر».
وتلفت عقل إلى أن «دور رئاسة مجلس الوزراء يتمثل باتخاذ قرار سياسي للتصدي لمشكلة المرور، وجعلها أولوية، والمصادقة على الخطط الاستراتجية الهادفة لتطوير السلامة المرورية والميزانيات اللازمة لها. وقد سبق للجمعية أن اجتمعت برئيس الحكومة سعد الحريري مرات عدة، ورفعت مطالبها الإصلاحية المتعلِّقة بالسلامة المرورية في لبنان».
وتفنّد عقل دور وزارة الداخلية في السلامة المرورية، فتشير إلى أن الوزارة مسؤولة عن «تطوير امتحان السوق بشقيّه النظري والعملي، بحسب المعايير الدولية، وتفعيل دور التفتيش المركزي في إدارة مراقبة امتحانات السوق، وتأهيل الشرطة البلدية وزيادة عديدها. التقيد بمواصفات السلامة في ورش العمل المعتمدة في LIBNOR
أما وزارة الأشغال والنقل العامة، فيتمثل دورها في بناء الطرق وصيانتها وفق المعايير الدولية. كما يتوجّب عليها الإسراع في تطبيق القانون الرقم 395، المتعلّق بالطرق الدولية والصادر بتاريخ حزيران في العام 2002 بحسب اتفاقية «الاسكوا» للطرق الدولية في المشرق العربي، وضرورة تحديد النقاط السوداء حيث تكثر الحوادث وتحديد سبل معالجتها، بالإضافة إلى دورها في بناء جسور المشاة، والتشدد في مراقبة تطبيق المواصفات المتعلقة بالوقاية من الحوادث، في ورش العمل حول الطرق، وفقاً للمواصفات والمعايير المعتمدة في LIBNOR
إلى ذلك، تطالب «اليازا» بضرورة الإسراع في تعيين رئيس ومجلس إدارة للمديرية العامة لهيئة السير، والتي حرمت من تداول السلطة منذ العام 2005، وتقع عليها مسؤوليات عدة، أبرزها: «تطوير إدارة مصلحة تسجيل السيارات والآليات، وتنظيم امتحان السوق وتطويره بشقيه النظري والعملي وفق المعايير الدولية بحسب قرار وزير الداخلية الرقم 981، وتأمين مساحات متشابهة في كل المناطق بمواصفات تحاكي الواقع للتدريب على القيادة العملية».
وترى «اليازا» أن أولى الخطوات العملية تكمن في «وضع مسألة السلامة المرورية في لبنان في أعلى سلم أولويات المسؤولين، وجعلها شغلهم الشاغل وهاجسهم اليومي، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا عبر إقناع سائر المسؤولين المعنيين من أعلى هرم المسؤولية إلى أسفله، بشتى الوسائل بما فيها وسائل الضغط الشعبي، وعبر المجلس النيابي وشخصياته البارزة وكل مرجعية مؤثرة في المجتمع، ومن خلال حملات التوعية ووسائل الإعلام على اختلافها، وعبر تحقيق مطالب الجمعيات الأهلية والدولية وتوصياته».
وتؤكد الجمعية أن «السلامة في المرور هي مسألة سياسية، غالباً ما تنطوي على تجاذبات بين سائر قطاعات المجتمع. فعلى سبيل المثال، إن تحسين حقوق مستعملي الطريق المعرَّضين للخطر قد تنطوي على معارضة من مناصري زيادة السفر المؤلَّل، وغالباً ما يكون هناك عدم وضوح بالنسبة إلى الدور الحقيقي لمسؤوليات الحكومة».
وتحذّر الجمعية «جميع المعنيين من أن حوادث السير في العامين السابقين هي إلى مزيد من التصاعد، وسيكون الوضع أكثر مأسوية، ونطالب السلطات المعنية بإعلان حالة طوارئ لحماية شبابنا من الموت على الطرقات. وثمة تحسّن وحيد في هذا الإطار، ينحصر في أداء الصليب الأحمر والدفاع المدني، أما بقية الجهات التي ترتبط بموضوع حوادث السير، فليس هناك أيّ تحسّن فيها يذكر».
وتقول عقل إنه «في الدول المتقدمة، يُنظر إلى تدريب السائق على أنه شرط أساسي من أجل الحصول على رخصة القيادة، لأن اكتساب مهارات القيادة القائمة على أسس علمية، من شأنها أن تحدث فرقاً كبيراً في عمليّة خفض عدد وفيّات الطرق».
تضيف: «تؤدي مدارس تعليم القيادة دوراً مهماً وأساسياً في تهيئة سائقين مدَرّبين بشكل جيّد، ليس من أجل اجتياز امتحان القيادة بنجاح فحسب، وإنما للاستمرار في قيادة سليمة مميّزة. وعلى مدرّبي القيادة أن يكونوا على قدر كبير من الكفاءة، ليكونوا قادرين على مزج التدريب النظري والعملي لطلابهم وفق المعايير الدولية الحديثة».
وعن الإحصاءات التي تتبعها قوى الأمن الداخلي، تشير عقل إلى أن الجمعية «طرحت الموضوع مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وطلبنا منه رصد الوفيات لمدة ثلاثين يوماً، كما يحصل في معظم دول العالم وليس أثناء الحادث مباشرة».
أما بالنسبة للجرحى، فلا يعتبر من جهة قوى الأمن الداخلي من عداد الجرحى إلا ذوو الإصابات البليغة والخطيرة، كما تقول عقل، معتبرة الأمر «معاكس لكل المبادئ الإحصائية في العالم»، وتلفت إلى أن إجراء عملية إحصاء دقيقة لضحايا حوادث السير، بالتنسيق مع وزارة الصحة، ستكشف حتماً حجم المأساة التي تجري يومياً على الطرق، وهي من الخطوات الأولى التي قد تؤشر على العمل الجدي من قبل لمكافحة هذه الآفة».
«كن هادي»: حوادث السير إلى ارتفاع
يتفق رئيس جمعية «كن هادي» فادي جبران على أسباب حوادث السير التي فندتّها «اليازا»، غير أن الاختلاف يكمن في الأرقام، إذ يقول جبران إن القيادة بالسرعة القصوى، شكلت نسبة ثمانين في المئة من أسباب حوادث السير، أما العامل الثاني فهو وضع الطرقات التي لا تراعي معايير السلامة المرورية، فيما سُجّلت نسبة عشرة في المئة من الحوادث بسبب أوضاع السيارات غير السليمة.
ويعتبر جبران أن قانون السير الحالي لا يتشدد في العقوبات تجاه الأسباب الرئيسية لحوادث السير، كتجاوز السرعة القصوى وتعاطي الكحول عند القيادة، والقيادة أثناء التعب، وعدم استعمال حزام الأمان أو الخوذة، واستعمال الهاتف الخلوي، مشيراً إلى أن «القانون حدّد السرعة القصوى التي لا يجوز تجاوزها في حال عدم وجود لافتة تحدّدها، بالاستناد إلى حجم المركبة ووزنها، مما يخلق التباساً لدى المواطنين الذين يضطرون إلى معرفة وزن السيارة، لإمكانية احتساب السرعة القصوى!».
ويرى جبران أن «السياسيين في لبنان لم يأخذوا مشكلة حوادث السير كأولوية في اقتراحاتهم، مع العلم أن السبب الأول لوفاة الشباب في لبنان هو حوادث السير، وتفوق كلفة حوادث السير 1.4 مليار دولار سنوياً، وفقاً لتقديرات البنك الدولي، في حين كلفة وضع كاميرات لتجاوز السرعة القصوى لا تتعدى 150 مليون دولار تدفع مرة واحدة»، مشيراً إلى ضرورة إنشاء مجلس أعلى للمرور في لبنان.
ويعرّف جبران دور المجلس الأعلى للمرور، بأنه «حاجة في كل بلد في مجال السلامة المرورية، وتترتب عليه مسؤولية اتخاذ القرارات، ومراقبة الموارد وتنسيق الجهود التي تبذلها جميع القطاعات الحكومية، بما في ذلك الصحة والنقل والتعليم والشرطة»، لافتاً إلى أن «التجربة في جميع أنحاء العالم، أثبتت أن نماذج مختلفة يمكن أن تكون فعالة في السلامة على الطرق، والتي يحتاج كل بلد إلى إنشاء وكالة رائدة لظروفه الخاصة».
ويشير جبران إلى أن الجمعية قامت منذ نشأتها بتجهيز الصليب الأحمر اللبناني ببرنامج خاص، بالتعاون مع البنك الدولي، يسمح بتجميع المعلومات حول حوادث السير، والتي أظهرت أنه خلال العام 2006، وهي السنة التي بدأت فيها جمعية «كُن هادي» أعمالها، بلغ عدد حوادث السير 8115 حادثاً، أي بزيادة نسبتها 13,5 في المئة عن العام 2005.
وفي العام 2007 بلغ عدد حوادث السير 9546 أي بزيادة نسبتها 17,63%، فيما بلغ عدد حوادث السير في العام 2008، 10630 حادثاً أي بزيادة نسبتها 11,36 في المئة عن العام السابق (مع الإشارة إلى أنه في نهاية العام 2008 تم تطبيق قانون تجاوز السرعة وحزام الأمان).
وفي العام 2009، بلغ عدد حوادث السير 10649 حادثاً أي بزيادة نسبتها 0,18 في المئة عن العام السابق (استكمال تطبيق قانون تجاوز السرعة وحزام الأمان).
هل يُطبّق القانون حالياً، أم أننا نستطيع بعد، تحمّل كلفة انتظار توافق القوى السياسية لإصدار القانون الجديد، ومن ثم العمل على تطبيقه؟






__________________
آخر مواضيعي

0 التوقعات العاطفية 2010 لبرج الجوزاء
0 6 قتلى و3 جرحى على طرق لبنان في يومين
0 شكر: لقاء البريستول صنع في «قريطم»
0 كيف تحصلين على وجه مشرق كل صباح
0 الألم العضلي المتعدد الروماتيزمي والالتهاب الشرياني

Honey Girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
على نية ضحايا حوادث السير Honey Girl أخبار لبنان والعالم اليومية 0 11-29-2010 11:28 PM
لمؤتمر وطني حول حوادث السير Honey Girl أخبار لبنان والعالم اليومية 1 09-13-2010 11:50 AM
500 قتيل في حوادث السير حتى منتصف العام! Honey Girl أخبار لبنان والعالم اليومية 0 07-29-2010 03:27 PM
عقل: القطارات تخفف من حوادث السير Honey Girl أخبار لبنان والعالم اليومية 1 04-08-2010 07:48 PM
حوادث السير... النفق الأسود Honey Girl أخبار لبنان والعالم اليومية 0 04-25-2009 02:59 AM


الساعة الآن 05:05 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
© جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ليب مون قمر لبنان 2016.