منتديات ليب مون

هل عدنا الى سنوات الحرب، حتى يحصل طلاب شهادة الثانوية العامة على إفادة نجاح؟ وهل الظروف الحالية صعبة لدرجة أنه لا يمكن معها تصحيح المسابقات، وبالتالي الاضطرار الى الإفادات كما حصل في العام 1978؟ ولماذا يتابع طلاب الثانوية العامة، وتحديدا فرعي الاجتماع والاقتصاد والآداب والإنسانيات، الامتحان في ما تبقى لهم من مواد، طالما ان النتيجة ستكون «إفادة نجاح»؟! هذه الأسئلة وغيرها الكثير من الأسئلة التي باتت تقض مضاجع الأهل والطلاب، وأيضا المؤسسات التربوية، بدأت بالظهور العلني، منذ تلويح وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة بإمكانية إعطاء الطلاب إفادات بدلاً من الشهادة الرسمية تسهيلاً لدخولهم الى الجامعات «في حال استمرار استغلال مستقبل الطلاب لمصالح شخصية»، معتبراً أن «هذا الحل هو أبغض الحلال».
ومع أن رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي كانت قد نبهت الى «أبغض الحلال» ووصلت اليه أيضا، من خلال مقاطعتها لوضع أسس التصحيح لشهادة الثانوية العامة، إلا أن «أبغض الحلال» وقع على الطلاب أنفسهم، وبالتالي باتوا رهينة فشل الحوار بين الحكومة والرابطة. فلا مجلس الوزراء يملك حلا ينهي «كابوس المقاطعة عن الطلاب»، ولا الأساتذة مستعدون للتخلي عن حقهم الديموقراطي والنقابي في الضغط للحصول على حقوقهم.
وهل يعني «حل الإفادات» انتهاء المشكلة أم أننا سننقل الموضوع الى بداية العام الدراسي المقبل؟ وماذا سنفعل عندها، وماذا نقول للطلاب، وهل سنعطل الدراسة؟
وبين فشل الحوار ونيل الحقوق، يبقى الطالب هو الضحية. وفي هذا الوضع، تدور الأسئلة المحيرة: أين مجلس الوزراء والقوى السياسية مما هو مطروح؟ وهل تتم الموافقة على إعطاء إفادات النجاح، بحيث «يٌنجح» أكثر من 44 ألف طالب؟ وما هو مصير من درس طوال تسعة أشهر، وسهر الليالي للحصول على التفوق؟ وهل بذلك يكتب النجاح للخطة التربوية التي يعتزم وزير التربية تنفيذها ووافق عليها مجلس الوزراء؟ أم أن الهروب الى الأمام هو أهون الأمور، وتبادل تحميل المسؤولية ومن هو المسبب، بدلا من إيجاد الحل الذي لا يكسر قرار مجلس الوزراء، ولا يلغي حقوق الأساتذة؟
وهل ينفع الطلاب تبادل الاتهامات، وإن كانت المواقف على اختلافها، تجمع على أن إعطاء الإفادات هو بمثابة ضربة قاسية للتعليم في لبنان، ينزع عنه الثقة ويعيده سنوات الى الخلف؟
صحيح أن وزير التربية لم يعلن صراحة تبنيه لقرار إعطاء الإفادات، لكن مجرد التلويح به يضر بمصالح الطلاب، على ما أجمع ممثلو المؤسسات التربوية الخاصة، وكذلك رابطة التعليم الثانوي. ويبقى من ضمن الأسئلة المحيرة سؤال: هل سيستمر التلويح بالإفادات، أم إن الأمر طرح على عجل في مجلس الوزراء، علّ مجلس الوزراء يتحرك ويتلقف مبادرة ما، تجنب الطلاب اهتزاز الثقة بشهادتهم؟
الرابطة
في بيان أصدرته أمس، رفضت الرابطة «رفضا قاطعا مجرد التفكير بإعطاء إفادات للتلامذة»، ودعت وزير التربية والتعليم العالي الى «إخراج هذا الموضوع من التداول، خاصة في الوقت الذي ما زالت الامتحانات الرسمية لشهادتي الاقتصاد والاجتماع والإنسانيات مستمرة». وسألت: «كيف يدعو الوزير إلى إجراء الامتحانات من جهة، وإعطاء إفادات من جهة ثانية؟ فلمصلحة من خلق حالة البلبلـــة والتشويش والقلق النفسيّ في أذهان الطلاب المرشحين وأهاليهم».
وحملت الرابطة الوزير كامل المسؤولية عن إرباك الطلاب، «فضلا عما يشكل ذلك من تهديد مباشر للشهادة الرسمية وسمعتها التي نحرص جميعا عليها، سائلين أيضا عن مبرر إعادة اللبنانيين الى عصر الإفادات إبّان الحرب المشؤومة التي ولّت الى غير رجعة. هذا دليل واضح على أن من يضرب حقوق الاساتذة حاضر لضرب حقوق الطلاب والشهادة الرسمية والتعليم الرسمي في آن».
وتوجهت الرابطة الى الأهالي لطمأنتهم مؤكدة لهم «كعادتنا، التزامنا التعويض عن أيام تأخير التصحيح بمزيد من الجهد والساعات الإضافية وسهر الليالي لتأمين الإسراع بتصحيح المسابقات وإصدار النتائج فور الوصول الى حقنا. آملين منكم دعمنا والوقوف الى جانبنا بعد ان قدمنا كل التنازلات التي بتنا بسببها على حافة اتهامنا بالخيانة والتراجع عن مطالب الاساتذة وحقوقهم».
المؤسسات التربوية
تعقد المؤسسات التربوية اجتماعا قبل ظهر اليوم لاتخاذ موقف من مقاطعة وضع أسس التصحيح لامتحانات شهادة الثانوية العامة. وتعليقا على موضوع الإفادات، اكتفى الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب مروان ثابت باعتبار أن الموضع سابق لأوانه، وأن التوجه هو لمتابعة تصحيح الامتحانات، لافتا الى أن اتحاد المؤسسات التربوية سيتخذ اليوم الموقف المناسب.
وأكد المستشار في مؤسسات «أمل» التربوية وعضو اتحاد المؤسسات التربوية الدكتور ناصيف نعمه، متابعة الاتصالات برابطة اساتذة التعليم الثانوي، وبالقيادات التربوية وبالرئيسين نبيه بري وسعد الحريري «إذا قدرنا نتواصل معهما» لإيجاد حل لموضوع المقاطعة.
وعن إمكانية قيام أساتذة التعليم الخاص بالتصحيح، قال: «لا يمكن أن يقوم التعليم الخاص بالمهمة عن التعليم الرسمي، لأن العدد متواز وقسم كبير من اساتذة الثانوي الرسمي يعلم في المدارس الخاصة».
ورفض نعمه تكرار إعطاء إفادات النجاح للطلاب كما حصل في العام 1978، «لأنه وعلى الرغم من ظروف الحرب، في تلك الأيام، لم نتخلص من ذيول الإفادات على مدى 15 عاما، لأن التعليم بقي يسعى جاهدا لإزالة تلك الصورة التي طبعت الشهادة الرسمية. وماذا نقول للطلاب الذين يريدون السفر الى الخارج، بعدما درسوا وتعبوا طوال العام، خصوصا ان الإفادة من غير قيمة».
وعن التأثيرات السلبية للإفادة، أعرب عن اعتقاده أن المسألة لن تصل الى هذا الحد، متوقعا حلحلة قريبة. وتمنى على رابطة الأساتذة عدم الاستمرار في مقاطعة التصحيح «لأن هناك مصالح الطلاب في متابعة دراستهم الجامعية، وأيضا ضد الإجحاف بحقوق الاساتذة».
ورفض الأمين العام لرابطة المدارس الإنجيلية نبيل قسطه الموافقة على سابقة خطيرة مثل إعطاء إفادات النجاح، وقال: «إذا اضطررنا سنمشي مع الإفادات، مكره أخاك لا بطل». وشدد على أهمية الحفاظ على المستوى التعليمي و«هذا لا يمكن المساومة عليه بأي طريقة، وسيكون لنا موقف في خلال اجتماع المؤسسات التربوية قبل ظهر اليوم». كما رفض تكرار سابقة الإفادات التي حصلت مرة واحدة على الرغم من الحروب التي مرت على لبنان، بالإضافة الى أن «ثقة الطلاب بالتعليم ستهتز، لا سيما الذين يريدون السفر الى الخارج أو الالتحاق بالجامعة، وهذه الجامعات وخصوصا الأوروبية منها كانت لا تؤمن بالشهادات فكيف هي الحال بالإفادات، وأيضا ماذا نقول لأنفسنا كمسؤولين عن التعليم، ولبنان يشتهر بمستوى تعليمي جيد».
وختم قسطه: «لا نريد، ولن نقبل المساومة على ضرب التعليم، وخيارنا الأول والأخير متابعة تصحيح الامتحانات والسير قدما بها حتى إصدار النتائج».
ورفض مدير الشؤون التربوية في جمعية المقاصد الخيرية د. كامل دلال موضوع الإفادات جملة وتفصيلا، وقال: «لن نعترف بها، فهذا يسيء الى سمعة الشهادة اللبنانية من حيث المبدأ، ويؤثر على نفسية واستعداد الطلاب خصوصا ان الامتحانات لم تنته، وأن الموضوع سيكون على طاولة البحث اليوم في اتحاد المؤسسات التربوية».
ولفت الى ان وزير التربية ضد موضوع الإفادات، لكنه عندما سئل في مجلس الوزراء قال إنه أحد الحلول، «وهذا خطأ ولم يكن المفترض التكلم به، حتى لو كان ردا على سؤال».
ورأى دلال أن «الإفادات كلها ضرر ولا يوجد فيها أي ايجابية، وسمعة البلد على المحك». واعتبر أن «المشكلة ليست فقط في الثانوي، بل في عدم توحيد سلاسل الرواتب والمعالجات المجتزأة لقطاعات التعليم من الابتدائي الى الجامعة، أوصلت الأمور الى ما نحن عليه الآن».
في المقابل، أعلنت نقابة المعلمين عن موقفها الرافض، «وبشكل مطلق لموضوع إفادات النجاح»، وأكد نقيب المعلمين نعمه محفوض أنه «على وزير التربية ومجلس الوزراء أن يعلنوا من خلال موقف سريع وواضح، رفضا لموضوع الإفادات، لأن التسريبات التي أعلنت بهذا الخصوص، أثرت سلبا على الطلاب».
ورأى أن الأمور تتسارع بطريقة تزعج الطلاب، متمنيا الإسراع في تحديد الموعد الذي سبق وطلبته النقابة لرابطة اساتذة التعليم الثانوي بالتنسيق مع وزير التربية من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، للوصول الى حل، انطلاقا من مبادرة النقابة.
وعن الانعكاسات السلبية على إعطاء إفادات النجاح للطلاب، شدد النقيب محفوض على أن «النقابة لن تسمح بهذا الموضوع، وستعمل جاهدة للوقوف ضده، وإذا حصل ذلك فهو يعني ضربا للمستوى التعليمي في لبنان وللشهادة اللبنانية صاحبة الصيت الذائع في العالم، لأنه لا يعقل أن تعطى إفادة نجاح للمتفوق والراسب معا، فالإفادات تساوي ضربا للتعليم في لبنان».
وبانتظار ما سيصدر عن اتحاد المؤسسات التربوية اليوم، تتجه الأنظار الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وما سيصدر عنه من مبادرة جديدة بعدما أفشلت مبادرته الأولى، كما أكدت مصادر تربوية في حركة «أمل» أن «الرئيس بري لن يبقى يقف على مسافة واحدة، من الحكومة ورابطة الاساتذة، فهناك عدد من الحلول في جعبته، سيتم طرحها، وأولها العودة الى الحوار بين الرابطة ووزير التربية».