منتديات ليب مون

افترش الأهالي الأدراج والزوايا المسقوفة البعيدة عن أشعة الشمس، أمام ثانوية حسين علي ناصر الرسمية، آتين منذ الصباح الباكر لمتابعة أولادهم منذ اللحظة الأولى لدخولهم مركز امتحان «الثانوي» في فرعي «علوم الحياة» و«العلوم العامة»، حتى آخر «تكة»، بحسب ما تقول سيدة حضرت مع ابنها: «ما بدي كون بعيدة عنه».
جلس الأهالي على حافة أو درج، ومنهم من فضل الوقوف، لمتابعة الوضع من بعيد، تارة بالتقدم نحو باب الثانوية، وتارة أخرى بالابتعاد عنها. «ممنوع الدخول»، أمر من العنصر الأمني المولج حماية المركز، كان يزعجهم: «كيف ممنوع.. نحن قاعدين بالشمس.. يخلونا نفوت عالملعب.. كلنا نسوان.. وكل واحدة عمرها أكثر من خمسين! شو بتعمل إذا بدا تفوت على الحمام؟».
جاء محمد حسين شريف متأخرا حوالى نصف ساعة على موعد دخول الطلاب إلى الثانوية، فلم يسمح له بالدخول وإكمال امتحانه في مادتي فلسفة وحضارات وكيمياء، علما بأنه في اليوم الأول كان قد امتحن في مادتي علوم الحياة والجغرافيا: «عملت كثير منيح»، يقول محمد.
حاولت والدة محمد شرح سبب تأخر ابنها، فقالت انه تعرض لـ«نوبة كلاوي» عشية الامتحان وبحوذته تقرير طبي، إلا أن المراقبة ف. م. رفضت إدخال محمد، بعد اتصالات أجرتها مع وزارة التربية.
تعترض إحدى الأمهات على التدابير القاسية المتخذة، وتقول: «أغمي على طالبة تعاني مرض الربو داخل الصف، ولو أنها لم تصح وتعط للمراقبين رقم هاتف ذويها للاتصال بهم، وإحضار الدواء، لكان الله أعلم شو صار معها».
وقرابة الساعة الحادية عشرة والنصف، بدأ الطلاب بالخروج من المدرسة. كان الامتحان عادياً بالنسبة إلى معظم الطلاب: «لم يكن سهلاً ولا صعباً.. من درس ينجح». أما ميرا فقد خرجت متذمرة تقول لوالدتها: «عملت منيح لكن انطوش راسي بسبب الأشغال والحفريات جانب المدرسة».
أما بالنسبة إلى المراقبة فاختلفت من غرفة وأخرى، منهم من قال الأستاذ «منيح» ومنهم من قال عنه «لئيم وما قدرنا نتحرك»، لكن متحان الكيمياء كان سهلا نسبيا بالنسبة إلى الطلاب ولم يحتاجوا إلى أكثر من الوقت المعطى لهم لإنهائه و«كل الأسئلة كانت متوقعة»، بحسب أحدهم.
وفي مدرسة برج البراجنة الرسمية الثانية، كان الجو هادئا جدا. السيدات الموجودات لم يتخط عددهن أصابع اليد الواحدة. رجاء طالبة سنة ثانية ـ أدب إنكليزي في الجامعة اللبنانية، أتت مع شقيقها منذ الصباح الباكر وانتظرته حتى خروجه: «بدي ردّله جميله، هو أصغر مني بسنتين لكن عندما تقدمت لامتحان البكالوريا، ذهب معي وانتظرني حتى آخر يوم من الامتحان. هلق عم بعمل نفس الشي معه، وأدعمه معنويا وحتى يحس بمحبتي الكبيرة تجاهه». وتتوقع رجاء النجاح لشقيقها: «نحن أربعة في البيت والكل مجتهد وكل واحد منا بيعرف واجباته».
قرع الجرس عند الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً. بدأ التلاميذ بالخروج، التفاؤل يعم وجوه بعض الطلاب، وبدا بعضهم غير راض. وقفت سارة وزميلتها تتفحصان المسابقة معاً: «اللي درسناهم، إجوا». محمد شقير يوافقهما الرأي: «كلن حالّين منن»، لم يفاجأوا بالأسئلة. وريان، الذي يدرس في مدرسة رسمية، لم يجد صعوبة في الامتحان، يقول انه يشبه أي امتحان آخر خضع له في مدرسته. أما عدنان فلم يكن راضيا عن إجابته على السؤال الأخير في الفيزياء.. وأكد أنه سيعوض بامتحان التربية واللغة اليوم الاثنين.