منتديات ليب مون

مسيرة الفانات والسيارات العمومية من الضاحية إلى مستديرة الكولا


لم يأت إدراج مطالب قطاعات النقل البري على جدول أعمال مجلس الوزراء أمس الأول من فراغ. فالتوقعات الرسمية كانت تشي بقدرة قطاعات النقل البري الكبيرة والفعالة في حال التزامها بالإضراب القطاعي الشامل على شلّ مرافق حيوية وواسعة في البلاد، على رأسها الطرقات والشوارع الرئيسية. هذا علاوة على التقديرات المتصلة بقدرة الإضراب على تعطيل حركة النقل لشريحة عريضة من الموظفين والعمال والأجراء والطلاب والأساتذة ممّن يقصدون مراكز أعمالهم بسيارات الأجرة. وهو ما كان.
فقد جاءت الوقائع على قدر التوقعات لا بل أكثر قليلاً! فالمشاركة الخجولة للسائقين العموميين في التظاهرة المركزية التي دعت إليها قطاعات النقل البري، والتي تحددت وجهتها من مستديرة الكولا وصولاً إلى السرايا الحكومية، حدت بالمنظمين إلى تغيير طبيعة التحرك ووجهته عبر تحويله من تظاهرة ذات مسار طويل ومحدد سلفاً إلى اعتصام «على الواقف(!)» اقتصر على افتراش الإسفلت وقطع الطريق جزئياً عند تقاطع كورنيش المزرعة.
لكن هذا الاعتصام سرعان ما تشتّت وتحول إلى «كرّ وفرّ» بين المعتصمين وقوى الطبيعة غداة الهطول الغزير للأمطار الذي تزامن والإضراب. لكن هذه الحالة لم تدم طويلاً، فقد استأنف المعتصمون قطع الطريق بعيد صحو الطقس وحتى حلول الساعة الثانية عشرة ظهراً بالتمام والكمال.
بيد أن هذه المشاركة الخجولة في الاعتصام التي اقتصرت، كما أسلفنا، على عدد متواضع ومحدود من السائقين الذين حضروا بصرخاتهم ومواجعهم، فضلاً عن قيادات اتحاد نقابات النقل البري صاحبة الدعوة للإضراب، وبعض قيادات الاتحاد العمالي العام الداعم له، قابلها التزام ملحوظ ومسؤول من قبل السائقين طيلة فترة الإضراب. فخلت الطرقات من اللوحات الحمراء، ما عدا بعض الخروقات، طبعاً، من هنا أو من هناك. كما استغل أصحاب السيارات الخصوصية وغير الشرعية فرصة الإضراب وتنقلوا في الشوارع بدون حسيب أو رقيب محاولين اقتناص الركاب. وهو ما أثار حفيظة واستياء فئات واسعة من السائقين ممّن اعتصموا طلباً للقمة العيش، فإذا بهم يجدون من يزاحمهم على تلك اللقمة حتى لحظة اعتصامهم لأجلها.
إذ منذ أولى ساعات الصباح واجه المواطن اللبناني صعوبة بالغة في العثور على سيارة أجرة تقلّه إلى مقصده. وبلغت هذه الصعوبة ذروتها عند الساعة العاشرة صباحاً (وهو موعد انطلاق التظاهرة المركزية المفترضة من مستديرة الكولا إلى السرايا الحكومية) وحتى الساعة الثانية عشرة ظهراً وهو الموعد المضروب مسبقاً من قبل الاتحادات لإنهاء مفاعيل الإضراب على مستوى كل لبنان. هكذا إذاً، عجّت الطرقات في مختلف أحياء وشوارع بيروت وتقاطعاتها الرئيسة بالركاب الذين تقطّعت بهم السبل، فأكمل بعضهم مشواره سيراً على الأقدام، وبعضهم الآخر آثر العودة إلى منزله والاتصال بمن يعنيهم الأمر معتذراً عن المجيء بداعي الإضراب. هذه الصعوبة في التنقل من مكان إلى آخر، التي تجشم عناءها اللبناني، أمس، ولمسها لمس اليد، ما كانت لتصير واقعاً محققاً لولا الالتزام العام بالإضراب من قبل الغالبية العظمى من سائقي السيارات العمومية الشرعية على الأقل.
أما المطالب المشروعة التي حملها السائقون العموميون والتي صدحت بها حناجرهم المبحوحة في مختلف الساحات التي تجمعوا فيها فعديدة. أولها مطالبة الحكومة بالإقرار السريع والمستعجل لخطة النقل البري في لبنان والتي أعلن وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي انجازها النهائي في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. وثانيها إعادة النظر بجدول تركيب الأسعار الأسبوعي الذي يصدر عن وزارة الطاقة والمياه صباح كل أربعاء، علاوة، طبعاً، على إعادة النظر بالرسوم العالية المفروضة على سعر صفيحة البنزين والتي تجاوز سعرها الـ34 ألفاً. وثالثها ـ التراتبية هنا ليست مؤشراً على الأهمية ـ مكافحة المزاحمة غير المشروعة التي يتعرض لها السائقون العموميون من قبل السيارات المزورة والخصوصية.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الاعتصام لم يخل أيضاً من التباري الحاد بين «القيادات العمالية المخضرمة» في الظهور على شاشات مختلف وسائل الإعلام، حتى ولو اضطرها الأمر إلى الظهور على الشاشة ذاتها مرتين لقول الكلام نفسه ومن دون أدنى زيادة أو نقصان ولو في مواضع النقاط والفواصل!
اعتصام سائقي بيروت
وكان السائقون العموميون نفذوا إضراباً، أمس، تفاوتت التعبيرات عنه بين منطقة وأخرى في العاصمة، تجاوباً مع الدعوة التي وجهها اتحاد نقابات النقل البري ونقابة سائقي السيارات العمومية، واستثني منه السائقون الذين التزموا قرار رئيس النقابة العامة لسائقي السيارات العمومية في لبنان مروان فياض الذي دعا إلى اعتبار اليوم (أمس) يوم عمل عاديا، علاوة على سائقي مكاتب التاكسي الذين رغم تأييدهم قرار الإضراب رفضوا الالتزام به بعدما تجاهلتهم الجهة الداعية إلى الإضراب.
تقدم التظاهرة رئيــس الاتحاد العمــــالي العام غسان غصن، نقيب السائقين العموميين عبد الأمير نجــده ورئيس اتحاد نقابات النقل البري بسـام طليس.
وأشار طليس إلى أن: «مجلس الوزراء ناقش أمس الأول من خارج جدول الأعمال موضوع النقل، ولو لم يكن هذا الإضراب وهذا التجاوب من السائقين، فلا أعتقد أن مجلس الوزراء كان ليتطرق إلى الموضوع». بدوره، قال غصن: «هذا اليوم يعبر عن صرخة يحملها جميع المواطنين اللبنانيين، وهي صرخة تمهد لصرخة 17 حزيران، موعد تحركنا كلنا، كل عمال لبنان، نحن نقول للمواطن اللبناني سنحمل صوتنا عالياً وعلى الحكومة أن تسمع صوتنا حتى نقول ان أولويات الناس هي أولويات مطالبهم المحقة».
أما نجده فاعتبر أن «نجاح الإضراب ينبع من شموله كل لبنان، ومن كونه جاء تعبيراً عن رفض السائقين سياسات الحكومة الاجتماعية، وسياستها الضريبية بشكل خاص والتي لا تراعي الضائقة المعيشية الخانقة التي ترزح تحتها شريحة واسعة من اللبنانيين

شكرا عالخبر
تحياتي لعيونك

شكرا عالمرور والتواصل