في بيروت التي احتفلت من كل قلوبها - منتديات ليب مون - موقع لبناني صور وأخبار لبنان
Loading...
اختر لونك المفضل


قديم 01-04-2010, 11:12 AM   #1
الـمشرفة الـعامة
 
الصورة الرمزية Honey Girl
تاريخ التسجيل: Sep 2008
الدولة: حالياً.. هووون
المشاركات: 77,303
افتراضي في بيروت التي احتفلت من كل قلوبها


بيروت 2010


قبل أن ينبلج ليل ملوّن في سماء وسط بيروت..
قبل أن تشق صيحات الابتهاج هواء عذباً لا يمت لكانون بصلة، وينشغل مئات الناس بالقفز مع عقارب الساعة إلى 2010...
قبل أن يصبح العناق طقساً في ساحة عامة.. وتنسى القُبلة أصلها: العشق، أم الصداقة؟ التوق، الغرام، أم المحبة؟ التمنّي، الترقّب، الخوف، أم الفرح؟ الفرح...
قبل أن تقفز الأجساد لدقائق طويلة، كأنما لتطال نجوم المدينة، أو لتقبض على أسهم نارية تحدث بقعاً فلكية في صفحة سوداء صافية إلا من قمر بدر...
وفيما شجرة الميلاد، في ساحة الشهداء، تحتار في اللون الذي سترتديه لسهرة الليلة، فتروح تبدّل فساتين الضوء، الأحمر بالأخضر، والبنفسجي بالذهبي..
كانت بيروت قد بدأت تحتفل، منذ الظهيرة. آخر يوم في السنة نزل بثقله إلى الشوارع. منذ زمن لم تتكثّف لحظة كهذه في العاصمة، ساعات أخيرة كتلك. البدايات، كالنهايات، تغزل الحنين. المجهول يرطّب الحلق، طعم الحلو المنشود ولو تفاؤلاً فقط. الماضي الذي نعرف، يعود أيضاً، بوروده وأشواكه، نحمله بين أيدينا ونمشي به في الشارع إذ نعايد أنفسنا.. المحلات المفتوحة الآن ستقفل عند الثامنة أو التاسعة، فيلحق الموظفون أعيادهم. سيقتحم شاب بوابة سوبرماركت قبيل إغلاقها. سيهمّ الحارس بمنعه... قنينة نبيذ يا رجل!.. إذا كان النبيذ فلا بأس. ابتسامة الحارس لزبون اللحظة الأخيرة كالتمنيات بعام سعيد.
فترة العصر وأول المساء ركّبت في بيروت إكسير حياة، مجرّدة. أضواء السيارات المتلاصقة، ضجيج الأكل والشرب، الثياب الجديدة ترقص للمارة في الواجهات. بيروت فنجان كبير تفوح منه رائحة مشروب الشكولاته الساخن. أولاد مع أمهاتهم، أحدهم يضحك لصبية تناغيه من بعيد. ثنائيات الحب تمشي بأذرع متشابكة، وصديقات يتضاحكن أمام مرآة تواجه الشارع، فإحداهن تقيس حلقاً بخمسة آلاف ليرة تهديه لنفسها بدلاً من سهرة بمئات الدولارات..
السيارات المتدفقة إلى وسط بيروت، سيل. كيفما ضربت إبرة الراديو في السيارة تحظى بأغنية فريق الـ«آبا» الشهيرة. الليلة تتمّ هذه الأغنية العشرين عاماً، وتعيش. بمزيج حزنها المدهون بالسكّر، احتفاء بباكورة السنة، كل سنة. «عام سعيد..» تنشد الفتاتان السويديتان، «علنا جميعاً نحظى بالآمال، أو بالإرادة للمحاولة، لأننا إن لم نفعل فالأفضل لنا أن نستلقي في مكان ما ونموت..».
من نزلة السرايا وصولاً إلى أول شارع الجميزة، بما في ذلك ساحة العيد، لا يبدو أن هناك في الكون من هم على قيد الحياة أكثر. الشبابيك مفتوحة على الليلة الدافئة. شاب وراء المقود يبتسم للفتيات في السيارة القريبة، ويرفع صوت المسجّل ليضارب على موسيقاهن. عنده عاصي الحلاني، وعندهن حفلة «زي الهوا». مجنّد بزيّه المرقّط يقف على مفترق، ويد ترتفع من نافذة سيارة لتحييه «ينعاد عليك، يعطيك العافية»، ويرد التحية بأحسن منها. المركبات من كل صنف ونوع، رباعية الدفع والمتعبة ذات «النمرة الحمراء». كلّ يجد له موقفاً. ليس في مساحات مواقف السيارات الرحبة في «البلد»، فهذه امتلأت عن آخرها وأقفلت. بل على جنبات الطريق، وتحت اللافتات التي تحذّر من ركن السيارة تحت طائلة جرّها بالرافعة الخاصة. كل شيء مباح الليلة. «الوطن» نفسه، يلوّح من مكانه قرب «جيب» الدرك لسيارة يتردّد سائقها في اللحاق بركب المخالفين، «صفّ.. ولا يهمك».
جامع محمد الأمين من جهة وشجرة الميلاد قبالته، تزنرها شجيرات صغيرة مرصّعة بمصابيح، كشرانق مضيئة. في بعض الأيدي ساندويشات، والبعض الآخر ينزل بكؤوس ممتلئة عن آخرها. محجّبات وأولاد، صبايا الموضة، وصبية يبدأون بالهتاف لفريق «النجمة»، ثم يحوّلون الموجة، كـأنما اوتوماتيكياً، إلى نداء لهيفا وهبي. «فلاشات» الكاميرات تومض في كل زاوية، تيمناً بالشجرة – البرج.
الصورة هي الليلة. فتاة بسترة حمراء سميكة تتبرّع بالتقاط صورة لمجموعة من الأصدقاء. هؤلاء يتعانقون أو يصطفون أو يجلسون، لكل لقطة ممكنة. على الطرف فتاة تصرّ على حركة الطيران، وأخرى لا تعرف ماذا تفعل سوى رفع شارة النصر، برغم أن صديقتها تطالبها بالتنويع. يجب أن تنوّع، لكن مع الإبقاء على طبيعتها... «وهذه للفايس بوك».. وتأخذ «العصفورة» صورة «المنتصرة» قرب «حرج» مضاء، ولا تعرف «الطبيعية» إن كان الأجدى لها أن تحضن الأغصان الخضراء أم تقف إلى جانبها ويداها في جيبي معطفها. الكاميرا تنتزع التعابير الاحتفالية، ثم تكرّسها.
تبدأ مفرقعات صغيرة جلبها البعض إلى الساحة. دقيقة تفصل الحشد عن منتصف الليل..
هي ذي عشرات الشموس تتفجر في قبّة الأثير فوق الرؤوس. نيازك تهطل كالمطر المشعّ، ونخلات منيرة زائلة، كالبهجة تغمر قبل أن تزول. بكل سخاء تتزين السماء. حناجر تثقب الهواء، أحضان، ومعايدة لأي كان وقد صودف أنه يقف إلى جانب أي كان.
عشر دقائق أو أكثر من متعة الصوت والضوء.. قبل أن يُعاد فتح الطريق أمام السيارات التي انضمت إلى الساحة، بأبواقها ورؤوس من فيها تخرج من سقوفها والنوافذ. لكن من يحتاج السيارة؟ الجميزة قريبة، والمشي باتجاهها، الآن، رياضة وطنية. استكمال للحفلة المرتجلة في الهواء الطلق.
الزحام من أول شارع الحانات إلى آخره. قبعات وأقنعة لا يحتكرها أصحابها. يعيرونها بلا تردد لكل من يطلبها، من أجل صورة، أو حتى كي يكمل بها سهرته. لبنانيون وأجانب. «ويلكوم!».. ولا يتأخر الرجل الأشقر في الرد بالإنكليزية: «بكل سرور!». مرة أخرى، «ريو» الجيش، والجنود لا يخذلون الجماعة التي غنّت «تسلم يا عسكر لبنان». صفقوا لهم وضحكوا. وطالما أن الشبان في السيارة أمامهم لا يزعجون أحداً، فلا بأس إن خرج واحدهم من سقف السيارة زاعقاً، قناعه وقبعته المبهرجان يذكّران بما تنقله التلفزيونات من «ريو دو جانيرو».
زحمة أمام كل ملهى. عند بائع المناقيش على الصاج. حتى الطاهي في المطعم اللبناني خرج بمريوله الأبيض إلى الطريق ليندمج بالحشد.. بعدما استبدل قبعته البيضاء الشهيرة بأخرى ملونة تتدلى من أطرافها أجراس صغيرة. الشاب الذي يبيع «كل شيء» على كورنيش المنارة ليلاً، تراه أيضاً في الجميزة، مدججاً بإكسسوارات المناسبة. على «درج الفن» يتسامر «عملاقان» على مدخل إحدى الحانات. هذا بالضبط عملهما: أن يكونا طويلين وجسيمين فيقفان على باب الحانة. لكن الوجه الطفولي لأحدهما يبدو مناقضاً لتوصيفه الوظيفي، والثاني يرخي كل عضلاته المفتولة. كأن لا إشكال ممكناً. لعلهما نالا بعضاً مما يحرسان. الضحك عال، والمزاج رائق كالكؤوس من حولهما، لا فرق بين بلاستيك وزجاج.
العودة إلى أول الجميزة، مشياً. ازدحام آخر السهرة، وقوى الأمن تجتهد في تنظيم السير، تقاطعه بين مارّة وسيارات.
ما زالت في مكانها السيارة، تحت الشارة المحذّرة من الرافعة للمخالفين. إلى الحمراء تدور، أو إلى الكورنيش، وتعلق في زحمة جديدة. بيروت الليلة لا تغفو. طار نعاسها مع الألعاب النارية وأجلّته حتى غلّفها رمادي الفجر.
ثمة من أخذ قبّعة مقصّبة إلى البيت، وثمة من نسي قناعاً أحمر على الأرض.
استلقت المدينة على الشاطئ وراحت في سباتها. تنام، إنما لتصحو في اليوم التالي، لأنها تحلّت بالإرادة للمحاولة.. واحتفلت من كل قلوب ناسها






__________________
آخر مواضيعي

0 غضب في وادي خالد يترجم بإحراق مركز للأمن العام
0 نايلة تويني تطلق حملتها الانتخابية: «نعم و48 نعم» للبنان الذي به نؤمن
0 لا تكوني تقليدية وجددي تسريحة شعرك
0 ثلوج جبل الباروك لشهر يناير 2012م مطلع الشمس معدن الألماس في مناظر تحبس الأنفاس
0 ماذا تنفع المراقبة الدولية للانتخابات اللبنانية؟

Honey Girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-04-2010, 03:37 PM   #2
{.::قــمر مــبدع::.}
 
الصورة الرمزية al.ghali
تاريخ التسجيل: Aug 2009
الدولة: لبنان - بيروت
المشاركات: 8,352
Thumbs down

مرسي عالمقال المعبر فعلا
تحياتي لعيونك
__________________
من عمل مثقال ذرة خيرا يره ومن عمل مثقال ذرة شر يره
آخر مواضيعي

0 إرسال رائد فضاء لأول مدونة حقيقية مباشرة من الفضاء إلى الإنترنت
0 لولا.. سيارة مصنوعة من الخضار ووقودها من الشوكولاتة
0 نبرة الصوت المنخفضة.. الطريق للعلاقة الناجحة
0 ايماءات.........
0 اورام الثدي

al.ghali غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسرة برنامج “تاراتاتا” احتفلت بعيد ميلاد النجمة يــارا على طريقتها Honey Girl أخبار فنانات وفنانانين لبنان والعالم 3 06-04-2011 06:34 PM
فادي غزاوي: إنه أكبر المهرجانات التي تقام في بيروت Honey Girl أخبار لبنان والعالم اليومية 0 05-04-2011 08:54 AM
هيفاء وهبي احتفلت بعيد ميلادها مع زوجها Honey Girl أخبار فنانات وفنانانين لبنان والعالم 1 03-13-2011 07:27 AM
بالصور : هكذا احتفلت الصبوحة بعيدها الـ85 ! Honey Girl أخبار فنانات وفنانانين لبنان والعالم 2 11-21-2010 02:55 AM
بيروت غرقت وتحول أهالي بيروت الى منكوبين LebMoon أخبار لبنان والعالم اليومية 12 10-26-2008 11:51 AM


الساعة الآن 11:00 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
© جميع الحقوق محفوظة لمنتديات ليب مون قمر لبنان 2016.