منتديات ليب مون

تختلف مطالب السياسيين من البيان الوزاري عن تلك التي يرفعها المجتمع المدني باسم الناس. أعلن البيان الوزاري، وسيحال الى مجلس النواب لاقراره، ولتنال الحكومة الثقة بموجبه.
وعلى الرغم من وعد سياسيين كثر للحملات المدنية بتبني مطالبها، أُعلن، قبل أيام قليلة من الانتهاء من صياغة مسودة البيان، عن إسقاط حق المرأة في منح جنسيتها لأسرتها من البيان الوزاري. ما أدى إلى تغير في نبرة المتحدثين باسم الجمعيات أو الحملات، إذ اعتبروا الأمر بمثابة إشارة لما ستحمله الأيام المقبلة.
جنسية المرأة ليست ملكها!
نبدأ من حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي»، التي كانت الضحية الأولى والإشارة الأولى.
تقول المنسقة في الحملة رولا المصري أنها كانت متفائلة الى حد ما، قبل اعلان النبأ المفاجئ، وسبب التفاؤل هو «حث رئيس الجمهورية ميشال سليمان الحكومة، على ادراج حقوق المرأة في البيان»، وكانت الحملة تعتبر أن «الخطوة الأولى تكمن في ادراج حق المرأة بمنح جنسيتها لأولادها وزوجها الأجنبي في البيان الوزاري».
أما الآن فتبدي المصري امتعاض الحملة «الشديد اللهجة، خاصة أن البند قد أدرج في البداية، ثم اتفقوا على ازالته فجأة لأسباب سياسية - طائفية. انه شيء غريب ومعيب»، تقول المصري. وتلفت الى أن الأمل لا يزال قائماً، وذلك عبر نقاش المسودة، والذي يفترض ألا يكون شكلياً.
وتجزم المصري أنه اذا تم اقرار البيان الوزاري أولاً، ونالت الحكومة الثقة من المجلس النيابي من دون تسجيل حق الجنسية ثانياً، فإن الحملة «ستعمد الى تحركات عدة، وعلى كافة الصعد، وفقاً لبرنامج محدد، نعلن عنه في وقت لاحق»، تقول المصري.
أما حملة «لأنهم أولادي جنسيتي حق لهم» والتي تختلف عن حملة «جنسيتي» بأنها تطالب باعطاء الجنسية للمرأة المتزوجة من أجنبي لأولادها حصراً دوناً عن زوجها، فترى أن خلفية المطلب «منوطة بحقوق الانسان، وقد وافق عليها لبنان، ناهيك عن أن الدستور اللبناني ينص عليها في المادة السابعة»، كما تقول مسؤولة الحملة ماري الدبس.
وأكدت الدبس ﻠ«السفير»، قبيل الاعلان عن البيان الوزاري، أن الحملة توجهت الى رؤساء الكتل النيابية وأخبرتهم عن مشروعها، «الذي يرتكز على تعديل المادة الأولى من القرار الصادر عام 1925 حول الجنسية».
وتلفت الدبس اليوم الى أنه، «في حال جوبهت الحملة بالرفض، فهي ستعمد الى التحرك بشتى الوسائل، عبر تشكيل قوى ضاغطة من الرأي العام والنواب والوزراء الذين يؤيدوننا».
وتشرح الدبس أن الحملة التقت بوزيرة الدولة منى عفيش، وهي عضو في مكتب «اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة»، و«أخبرتنا عفيش أنها طرحت مسألة الجنسية وطالبت بإدراجها في البيان الوزاري. ثم حصل ما حصل». وعلى ضوء النتيجة، عقدت الحملة اجتماعاً، اتخذت فيه «قراراً بإطلاق تحرك في أثناء نقاش البيان الوزاري في مجلس النواب».
وتضيف الدبس: «سنتحرك مع نقابات المهن الحرة، ومع العمال، ومع كل الناس. قد نصبح مثل أهالي لجنة المخطوفين، أي أننا لن نغادر محيط المجلس النيابي، ولن نمل. انها مسألة صعبة، ندرك هذا الأمر، لكنه حق لنا». تتنهد الدبس، وتردف ممازحة: «سنقلق ونعيق راحتهم!»، وهي تقصد النواب.
تتفق الدبس مع المصري على أن موضوع الجنسية معقد، نظراً للاعتبارات الطائفية التي يحدّه البعض بها.
مرسوم «المعوقين» ينتظر التصديق
لكن، بعيداً عن الطائفية وقيودها، تنتظر جمعيات أخرى موعد تنفيذ مطالبها، ومن بينها: «اتحاد المقعدين اللبنانيين».
عام 2000، صدر مرسوم تطبيقي يسلط الضوء على حقوق المعوقين، وتتناول حاجات المعوق في العمل والتعلّم والحقوق السياسية. صدر المرسوم، وحتى الآن، لم يصادق عليه مجلس النواب.
بعيد اصدار مسودة البيان الوزاري، تلقف «الاتحاد» جملة «الاسراع في تطبيق المراسيم» على نحو ايجابي، معتبراً أن «قضية المعوقين لا تحتاج الى خلافات أو نقاشات، اذ أنها مسألة انسانية بحتة، وقد أقرت منذ عشر سنوات»، بحسب رئيسة الاتحاد سيلفانا اللقيس.
وتشير اللقيس إلى أن «الجو، حتى الآن، ايجابي. ونحن سنتابع خطواتنا لاقرار الاتفاقية وتنفيذها. فالجولة لن تنتهي في هذه الخانة، بحيث سنقارن بين مقترحاتنا والنتيجة التي ستؤول اليها لجنة صياغة البيان الوزاري». وتشرح اللقيس بأنه «ستختلف وسائل تحركاتنا، وفقاً للنتيجة التي سنتلقاها في نهاية المطاف».
تفاؤل «سن الحضانة» و«الحساب المصرفي»
في السياق نفسه، تنتظر «اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة» التي تقدّمت بمشروع رفع سن الحضانة للمرأة المطلقة، نتيجة البيان الوزاري – عملياً – «لنبني على الشيء مقتضاه»، كما تقول رئيسة اللجنة أمان كبارة شعراني.
وكانت الزيارات التي نفذتها اللجنة لشخصيات ومرجعيات روحية قد أفضت الى موافقة المفتي محمد رشيد قباني على المشروع (الطائفة السنية)، فتم تحويله الى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، فحوّله الأخير بدوره، الى مجلس النواب، ومر على لجنة الادارة والعدل. وطالبت اللجنة برفع سن حضانة الفتى من 7 سنوات الى 9 سنوات، والفتاة من 9 الى 13 سنة، بانتظار أن تتم الموافقة عليه في المجلس النيابي، ويقر نهائياً.
تقول شعراني أن المشروع كان ينتظر التئام المجلس ليقره، وهو مشوار، قد يكون طويلاً.
وتضيف: «لا نستطيع التوغل فيه حالياً قبل معرفة النتيجة النهائية للبيان الوزاري، وسننتظر كي تأخذ الحكومة الجديدة الثقة من مجلس النواب. مع العلم أن موضوعنا شبه محلول، بما أنه حظي بموافقة المراجع الروحية».
من بين تلك الاشكاليات، التي باتت تعتبر شبه محلولة إثر الانتهاء من صياغة البيان الوزاري، تأتي إشكالية عدم السماح للأمهات بفتح حسابات مصرفية لأولادهن القاصرين. فقد درجت المصارف اللبنانيّة على عدم تخويل الأم فتح حساب دائن لولدها القاصر، ولو قامت هي بتغذية رصيد الحساب، وحصر هذه المعاملة المصرفية بالأب. وبعد مراجعة إدارات المصارف عن السبب الكامن وراء ذلك، يكون الجواب: الولاية الجبرية.
في هذا الإطار، تقول رئيسة جمعية «الاتحاد النسائي التقدمي» وفاء عابد، التي تتابع هذا الموضوع، أن مشروع اقرار بند يسمح للأم بفتح حساب لأولادها القاصرين بات قاب قوسين أو أدنى من تنفيذه، و«أصبح المشروع عند جمعية المصارف، التي بدورها، ستبت الموضوع - ايجاباً - بعد نيل الحكومة الثقة من المجلس النيابي».
.. و«التغيّر المناخي» أيضاً!
في ضفة مقابلة، يقف موضوع البيئة بشكل عام، وتغير المناخ بشكل خاص، على خط متين وايجابي، في البيان الوزاري.
وكان المدير التنفيذي لمنظمة «اندي ـ أكت» وائل حميدان قد أفاد «السفير»، قبيل اقرار البيان الوزاري، بأن المنظمة التقت بالرئيس سعد الحريري و«طلبنا منه، كما طلبنا من النواب والوزراء، ادراج بند تغير المناخ في البيان الوزاري، وكان متجاوباً معناً».
وطالبت المنظمة الحريري بتشكيل لجنة وطنية للعمل على وضع خطة طويلة الأمد للعمل على تغير المناخ، و«تمنينا على رئيسي الجمهورية والحكومة التوجه الى الدانمارك للمشاركة في مؤتمر كوبنهاغن».
يبدو حميدان متفائلاً بنتائج البيان: «حتى الآن، لاحظنا تجاوب الحكومة مع مطالبنا. وقد وافق الحريري على التوجه الى كوبنهاغن، حيث ستكون نهاية مسيرة المفاوضات حول تغير المناخ مع 190 بلداً، ستعمد الى الوصول الى اتفاقية نهائية لحل المشاكل المطروحة».
وعن بقية المطالب، يقول حميدان إنه تم الاتفاق على انشاء لجنة وطنية لمتابعة أمور تغير المناخ، والتي من المفترض أن تضم ممثلين عن وزارات عدة، كالطاقة والبئية والزراعة
والخارجية. لكن، «يتوجب علينا متابعة تفاصيل هذه اللجنة، متى ستنشأ؟ من ستتضمن؟ كيف ستعمل؟ ما هي خطتها؟». وعلى ضوء النتائج، تقرر المنظمة برنامجها الموازي للجنة.